غزة: في إحاطة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، منظمة الأغذية والزراعة تدعو إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية واستعادة حيّز العمل الإنساني لإبعاد شبح المجاعة
نيويورك - في المناقشة المفتوحة الرفيعة المستوى التي عقدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، قال نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) السيد Maurizio Martina، إن سكان غزة يشهدون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الناتج عن النزاع وخطرًا كبيرًا بحصول مجاعة، وهذا الخطر يتزايد بشكل مطرد.
وفي هذا السياق، دعا السيد Martina إلى وقف الأعمال العدائية واستعادة حيّز العمل الإنساني في جميع أنحاء قطاع غزة من أجل تقديم المساعدة الإنسانية المتعدّدة القطاعات واستعادة الخدمات الأساسية من أجل إبعاد شبح المجاعة. ويشمل ذلك الإصلاح الفوري لخطوط أنابيب المياه عبر الحدود، واستئناف توزيع الكهرباء، وإصلاح المرافق الصحية والبنية التحتية للمياه ومرافق إدارة النفايات وتجهيز الأغذية وإنتاجها والمرافق المالية والاتصالات، وغيرها.
وشدّد نائب المدير العام للمنظمة على ضرورة إعادة فتح المعابر الحدودية، بما في ذلك أمام الحركة التجارية. وشدّد على ضرورة السماح للسلع الأساسية بالعبور إلى غزة والدخول إلى أرجائها من دون انقطاع أو قيود.
وقال السيد Martina "يتعيّن على جميع الأطراف احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإن حماية المدنيين والأعيان ضرورية لبقائهم على قيد الحياة. وإن الوقف الفوري لإطلاق النار والسلام شرطان أساسيان لتحقيق الأمن الغذائي؛ والحق في الغذاء هو حق أساسي من حقوق الإنسان."
أشخاص على حافة المجاعة
تفيد التقديرات، وفقًا لأحدث تحليل للنظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي، بأن جميع سكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون شخص يعيشون في حالة أزمة أو مستويات أسوأ (المرحلة 3 أو أعلى من التصنيف)، وهي أعلى نسبة على الإطلاق وصل إليها التصنيف في أي منطقة معينة أو بلد معين للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هذا.
ومن المتوقع أن يكون حوالي 50 في المائة من السكان في حالة طوارئ (المرحلة 4 من التصنيف)، بينما تفيد التقديرات المتحفظة بأن أسرة معيشية من كل أربع أسر على الأقل (أي أكثر من نصف مليون شخص) تعيش حاليًا في ظروف كارثية أو شبيهة بالمجاعة (المرحلة 5 من التصنيف).
أضرار جسيمة تصيب النظم الزراعية والغذائية
قدّم نائب المدير العام للمنظمة رؤى متعمّقة عن الأثر المدمّر للنزاع على النظم الزراعية والغذائية في قطاع غزة، وهي كالآتي:
- تؤدّي القيود الصارمة المفروضة على شحنات الوقود إلى شلّ عمل البنية التحتية للمياه ومحطات تحلية المياه، وإنتاج السلع الغذائية الرئيسية وإيصالها، وتوفير الكهرباء.
- ويلحق انقطاع التيار الكهربائي أضرارًا بالغة بالأنشطة الزراعية، وتجهيز الأغذية وتوزيعها، والبنية التحتية للمياه. وقد توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل بعد نفاد الوقود منها في 11 أكتوبر/تشرين الأول، في حين انقطعت إمدادات الكهرباء من السلطات الإسرائيلية منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول. وبات مصدر الكهرباء الوحيد المتوفر في قطاع غزة هو من الألواح الشمسية والمولّدات، التي لا يتوفر سوى القليل من الوقود من أجل تشغيلها.
- ولا يزال النقص مستمرًا في المياه الصالحة للشرب - اللازمة لتجهيز الأغذية. وحتى أواخر ديسمبر/كانون الأول، بلغت إمدادات المياه نسبة 7 في المائة فقط من مستويات ما قبل أكتوبر/تشرين الأول، مع اقتصار المصادر على نقل المياه بالشاحنات، ومحطة تحلية واحدة عاملة، وأحد خطوط إمدادات المياه الرئيسية الثلاثة. وتشير التقارير إلى أن حوالي 97 في المائة من المياه الجوفية في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.
- ونتيجة للقيود المفروضة، قُضيَ على القطاع التجاري بسبب النقص شبه الكامل لواردات المواد الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية. ويعني نقص الواردات أن المخزونات الغذائية قد استُنفدت بسرعة.
- كما أن قدرة المخابز على إنتاج الخبز - وهو جزء أساسي من النمط الغذائي في غزة - أُعيقت بشدة بسبب الأضرار المباشرة، إضافة إلى نقص الكهرباء والوقود والمياه والقمح.
- وقبل اندلاع النزاع الحالي، كان إنتاج الأغذية في غزة يسمح بالاكتفاء الذاتي من حيث معظم الفواكه والخضروات؛ وقد أدّى النزاع إلى تعطيل هذا الأمر بشدة.
- ويظهِر تحليل بيانات الأقمار الاصطناعية منذ شهر ديسمبر/كانون الأول 2023 انخفاضًا كبيرًا في سلامة المحاصيل وكثافتها في جميع أنحاء غزة مقارنة بالمواسم الستة السابقة، وهو ما يرتبط مباشرة بالنزاع.
- واعتبارًا من 15 فبراير/شباط 2024، تم تقييم 42.6 في المائة من إجمالي الأراضي الزراعية في قطاع غزة على أنها متضررة. وعلى نحو مماثل، تم تدمير البنية التحتية الزراعية، وطالت أعلى مستويات الدمار مآوي الحيوانات ومزارع الأغنام ومزارع الألبان والحظائر المنزلية ومزارع الدجاج اللاحم.
- وبسبب الأعمال العدائية في جميع أنحاء قطاع غزة، تأثّر موسم قطف الزيتون والحمضيات تأثّرًا شديدًا، وهو يحصل عادةً في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، ويوفّر مصدرًا مهمًا للدخل.
- كما أن عدم القدرة على الوصول إلى العلف والأضرار الناجمة عن الغارات الجوية قد أضرّت بأصحاب الماشية، إذ أفاد العديد من المربين عن خسائر فادحة بسبب نفوق حيواناتهم. وبحلول نهاية يناير/كانون الثاني 2024، يُفترض أن يكون جميع الدجاج اللاحم قد ذُبح أو نفق بسبب نقص المياه والأعلاف. ويُفترض أن معدّل نفوق العجول يتراوح بين 50 و65 في المائة، ويُقدر بأن حوالي 70 في المائة من أبقار اللحم و50 في المائة من المجترات الصغيرة قد نفقت.
- أمّا قطاع الصيد البحري في غزة، وهو مصدر مهم للتغذية والدخل في غزة، حيث يوفر سُبل العيش بشكل غير مباشر لأكثر من 000 100 شخص، فقد وصل إلى طريق مسدود، وذلك بسبب الدمار والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للموانئ ومعدات الصيد، والقيود المحكمة المفروضة على إمكانية الوصول إلى البحر.
وقد عُقد هذا الاجتماع بناءً على طلب من سويسرا وغيانا بعد أن قام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بتعميم مذكرة بيضاء، بتاريخ 22 فبراير/شباط، بشأن انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة. وأُرسلت المذكرة إلى مجلس الأمن وفقًا للقرار 2417 الصادر بتاريخ 24 مايو/أيار 2018 والذي يطلب من الأمين العام تقديم تقرير على وجه السرعة عند ظهور "خطر مجاعة ناجمة عن نزاع أو حالة انعدام أمن غذائي واسع النطاق".
وكان من بين مقدمي الإحاطات الآخرين كلّ من السيد Ramesh Rajasingham، مدير شعبة التنسيق في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية؛ والسيد Carl Skau، نائب المديرة التنفيذية ورئيس العمليات في برنامج الأغذية العالمي.