بروكسيل/روما – قال مسؤولون من وكالات الأمم المتحدة المعنية بالتغذية ومن الاتحاد الأوروبي، في اجتماع افتراضي اليوم يهدف إلى تعزيز دور العمل الاستباقي بوصفه حلًا مطلوبًا بصورة عاجلة، إنّ العمل قبل وقوع الكوارث أكثر كفاءة ويساعد على حماية الأرواح وتوفير المال. وقد ضمّ حوار بروكسيل– "من رد الفعل إلى الوقاية: العمل الاستباقي لمواجهة الأزمات الغذائية" – رؤساء منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) وبرنامج الأغذية العالمي (البرنامج)، وعمليات المعونة الإنسانية من جانب الاتحاد الأوروبي. وأعقبت الجلسة الرفيعة المستوى حلقات نقاش تخلّلها عرض لتجارب الشركاء على المستوى الميداني وتبادل الدروس المستفادة.
واستنادًا إلى نتائج الحدث الرفيع المستوى بشأن العمل الاستباقي الذي عقده الأمين العام للأمم المتحدة وقمّة الأمم المتحدة للنظم الغذائية، تؤكّد المبادرة مشاركة الأعضاء المؤسّسين للشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، وهي تحالف للجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني والإنمائي يسعى إلى معالجة الأسباب الأساسية الكامنة وراء الأزمات الغذائية وتعزيز الحلول المستدامة. وبعد عقود من الانخفاض، بدأ عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع بالارتفاع مرة أخرى. ويعاني اليوم 155 مليون شخص من الجوع الحاد وتتعرض حياتهم وسبل عيشهم للخطر بسبب افتقارهم إلى الأغذية. كما يتعرّض 41 مليون شخص آخرين لخطر الوقوع في هاوية المجاعة أو في ظروف شبيهة بها.
وقال السيّد شو دونيو، المدير العام للمنظمة "تبيّن لنا هذه الاتجاهات أن نُهجنا التقليدية القائمة على رد الفعل لم تعد تناسب واقعنا الجديد". وقال أيضًا إنّنا نحن على دراية بأنه من الممكن تفادي حدوث الأزمات الغذائية لأنّها تحدث بشكل متكرر. "ونحن نعلم أن الاستثمار في نظم الإنذار المبكر سيؤتي ثماره – لا بالنسبة إلى المجتمعات فحسب، بل بالنسبة إلى الحكومات كذلك."
وقد زادت جائحة كوفيد-19 من التهديدات الحالية، مثل الآفات والأوبئة والنزاعات وتغير المناخ، مما أدّى إلى تفاقم الأزمة الغذائية العالمية وزيادة طابعها الملح. وفي الوقت نفسه، أفضت أوجه التقدم في التكنولوجيا وجمع البيانات إلى تحسين قدرة الخبراء بشكل كبير على تحليل المخاطر والتنبؤ بالعديد من الكوارث قبل وقوعها، وهو ما يجعل التحول من رد الفعل إلى الوقاية خطوة أساسية إلى الأمام، لا سيّما في أوقات القيود المالية.
وقال السيّد Janez Lenarcic، مفوّض الاتحاد الأوروبي المعني بإدارة الأزمات "تتزايد احتياجات المساعدة الغذائية بوتيرة أسرع من التمويل المتاح، وهذا يجعل نموذج المعونة الحالي غير مستدام على المدى الطويل". وأردف قائلًا "علينا أن نبدأ العمل للتصدي لمخاطر الأزمات الغذائية المستقبلية".
وقال مدير برنامج الأغذية العالمي إنّ الوقاية من الأزمات الغذائية فعال من حيث الكلفة ويتطلّب جهودًا مشتركة ينبغي أن تتعدى مواجهة المخاطر الطبيعية فحسب، وأن تشمل مخاطر النزاعات أيضًا.
وقال المدير التنفيذي برنامج الأغذية العالمي السيّد David Beasley "لا يمكننا الجلوس والانتظار، فالحلول موجودة لدينا بالفعل. وخلال العامين الماضيين، كنّا نجهّز لنوع العمل الاستباقي المطلوب لمواجهة التحديات التي سنواجهها في المستقبل. ولكنّ الوقت قد حان للاستثمار في توسيع نطاق هذه البرامج". وأضاف قائلًا "في كل مرة نعمل فيها بعد وقوع الأزمة، عندما تكون السبل مقطوعة والبنية التحتية معطّلة، يمكن أن تكون الكلفة الفعلية هي الضعف على الأقل".
العمل الاستباقي على أرض الواقع
تتّخذ الإجراءات الاستباقية أشكالًا وأحجامًا عديدة وهي تتأثر بشدة بعامل الوقت وتكون متصلة بالتوقعات. ويمكن أن تتراوح من التحويلات النقدية التي تسمح للناس بحماية أنفسهم وحيواناتهم، إلى مساعدة الصيادين في تخزين قواربهم ومعداتهم قبل بدء عاصفة ما، ومجموعات أدوات البستنة المنزلية التي تساعد الأسر في مناطق الحروب على إنتاج الأغذية بالقرب من المنازل قبل احتدام النزاعات.
وقد أظهر حوار بروكسيل أدلّة مقنعة بشأن أداء العمل الاستباقي. واستمع المشاركون إلى الطريقة التي ساعدت من خلالها المنظمة والاتحاد الأوروبي والحكومات المحلية المزارعين في القرن الأفريقي على تجنّب خسائر تزيد عن 1.5 مليارات دولار أمريكي في محاصيلهم، وحماية الأمن الغذائي لأكثر من 36 مليون شخص من خلال العمل عندما كان الجراد الصحراوي لا يزال في طريقه إلى الانتشار. وفي بنغلاديش، تدخلت المنظمة والبرنامج وشركاء آخرون بشكل مبكر بناءً على الإنذارات من أجل حماية الناس من الفيضانات الغامرة، وساعد على تحقيق ذلك العملية الأسرع في تاريخ الأمم المتحدة لتوزيع مخصصات الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ. وفي السودان، تم إطلاق نظام إنذار مبكر تيسره المنظمة قبل موسم مطير غير ملائم بشكل خاص في كسالا. ومقابل كل دولار واحد يتم استثماره، شهدت الأسر الزراعية عائدًا قدره 6.7 دولارات أمريكية من حيث تجنب الخسائر والمزايا الإضافية. وفي بوروندي، يقوم الاتحاد الأوروبي والبرنامج حاليًا بوضع خطة عمل استباقي يمكن تفعيلها قبل الصدمات المناخية.
وبموازاة إدراك الحكومات والوكالات بشكل متزايد المزايا من حيث الكفاءة والفعالية من حيث الكلفة، يزداد الزخم بشأن العمل الاستباقي بوتيرة متسارعة. وقد ظهر العمل الاستباقي بشكل بارز في بيان الاتحاد الأوروبي الجديد بشأن العمل الإنساني للاتحاد الأوروبي، وفي ميثاق مجموعة السبعة بشأن المجاعة والأزمات الإنسانية، وفي المناقشات المفضية إلى قمّة الأمم المتحدة للنظم الأغذية، وكذلك في الجهود الجارية الرامية إلى مكافحة تغير المناخ.
وقال المسؤولون إن جعل العمل الاستباقي جزءًا أساسيًا من التدخلات الإنسانية يتطلّب عملية جريئة لرسم السياسات وتعلّمًا وشراكة وتنسيقًا على المستوى الجماعي بين مجموعة من الجهات الفاعلة الواسعة والمتنوعة.
وسيستمرّ معرض الصور الفوتوغرافية الذي يعرض العمل الاستباقي حتى 13 أكتوبر/تشرين الأول في معرض Galerie de la Reine في بروكسيل.