باريس/روما – قامت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، في معرض سعيها إلى الاستجابة لمستويات غير مسبوقة لانعدام الأمن الغذائي الحاد في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، بالانضمام إلى المجتمع الدولي في الدعوة إلى العمل بشكل عاجل على زيادة المساعدة الطارئة وتعزيز قدرة الفئات التي لا حول لها ولا قوة والنظم الزراعية والغذائية على الصمود.
وبالاشتراك بين نادي الساحل وغرب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي، والشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية التي تشترك في قيادتها منظمة الأغذية والزراعة، نُظم يوم الأربعاء اجتماع خاص رفيع المستوى بشأن "أزمات الأغذية والتغذية في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد: آن الأوان للعمل الآن والتعبئة بشكل أفضل في منطقة الساحل وغرب أفريقيا من أجل المستقبل". وشهد هذا الاجتماع مشاركة واضعي السياسات وغيرهم من الجهات الفاعلة من غير الدول من منطقة الساحل وغرب ووسط أفريقيا، وشركائهم الدوليين بهدف تعبئة المزيد من المساعدات الإنسانية الغذائية والتغذوية والمنقذة لسبل كسب عيش السكان الأشد تضررًا وتجديد الالتزام السياسي الطويل الأجل بالسياسات الهيكلية التي تعالج الأسباب التي تكمن وراء أزمات الأغذية والتغذية.
وبلغ إجمالي التعهدات قرابة 1.79 مليار يورو مقابل نداء إنساني لمنطقة الساحل وغرب أفريقيا بأكملها بقيمة 3.8 مليارات يورو. وهذا يشمل مبلغًا إضافيًا قدره 67 مليون يورو من المساعدات الإنسانية أعلن عنه الاتحاد الأوروبي، ليصل إجمالي المساهمات المقدمة للبلدان المتضررة في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد إلى 240 مليون يورو في عام 2022 حتى الآن. كما خصّص الاتحاد الأوروبي 654 مليون يورو للفترة 2021-2024 لإتاحة استجابة للمساعدة الإنمائية على المدى الطويل لأزمة الأغذية الهيكلية التي تشهدها البلدان السبعة الأشد تضررًا.
وللسنة الثالثة على التوالي، تواجه بلدان الساحل وغرب أفريقيا أزمة أغذية وتغذية ذات حجم استثنائي. فخلال الفترة الممتدة بين عامي 2019 و2022، ارتفعت مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد بأربع مرات تقريبًا، من 10.8 ملايين إلى 40.7 ملايين شخص على التوالي، ويتعرض ملايين آخرون لخطر الانحدار إلى هاوية أزمة أو ما هو أسوأ. وتعاني سبعة بلدان، وهي بوركينا فاسو وتشاد والكاميرون ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا، الأمرّين على نحو خاص. ولأول مرة، تتسع رقعة انعدام الأمن الغذائي الحاد في المنطقة بما يتجاوز منطقة ليبتاكو-غورما وبحيرة تشاد ليطال البلدان الساحلية مثل بنن وسيراليون.
والجدير بالذكر أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأشخاص هي من سكان الريف الذين يعتمدون على شكل من أشكال الزراعة من أجل بقائهم. ولذلك، يجب على الاستجابة الإنسانية والحلول الدائمة مراعاة ذلك ووضع سكان منطقة الساحل وأولوياتهم واحتياجاتهم في صلب الجهود الهادفة إلى معالجة هذه الأزمة المتفاقمة. وفي وقت تسجِّل فيه الأسعار الدولية للأغذية والوقود ارتفاعًا قياسيًا، لا يمكن المغالاة في التأكيد على الحاجة الملحة إلى دعم إنتاج أغذية مغذية بالقرب من الأماكن حيث تمس الحاجة إليها.
وينبثق هذا الوضع عن مشاكل هيكلية طويلة الأجل، منها الفقر وعدم توافر الخدمات الاجتماعية الأساسية وإمكانية الحصول عليها، وانعدام الأمن الذي طال أمده. وإن الصدمات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة، والظواهر الجوية القصوى، وآثار جائحة كوفيد-19، والزيادة غير النمطية في أسعار السلع الغذائية الأساسية، والعواقب الوخيمة للغاية للحرب الدائرة في أوكرانيا، كلّها عوامل تؤدي إلى تفاقم حالة الأغذية والتغذية. ومن شأن هذه الصدمات المتقاربة والتي تزيد الطين بلّة أن تؤدي إلى تقويض المكاسب المحققة وإلى المزيد من الاحتياجات الإنسانية المتتالية.
وقال السيد Laurent Thomas، نائب المدير العام للمنظمة الذي مثّل المنظمة في هذا الاجتماع "إن أي تأخير في الاستجابة سينطوي على عواقب وخيمة وكلفة باهظة للمستقبل في ظلّ سياق يوجد فيه فعلًا ما يزيد عن 30 مليون من سكان الساحل على شفا المجاعة، ويحتمل أن ينظم إليهم 11 مليون شخص آخرون في يونيو/حزيران من هذا العام. ويتعين بذل جهود كبيرة ليس فقط لتوفير استجابة فورية وإنما أيضًا لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة، وإلّا ستستمر مستويات الجوع الحاد في التزايد".
وأضاف قائلًا "إن الذين يتوقع أن يعانوا أكثر من سواهم، في ظلّ ارتفاع كلفة الأغذية، هم أشد الناس ضعفًا أصلًا الذين تشكّل الأغذية بالنسبة إليهم أكبر نسبة من ميزانية الأسرة. وينبغي لنا أيضًا ألّا نقلّل من شأن آثار الزيادة الكبيرة في كلفة الأسمدة على المحاصيل وتوافر الإنتاج الغذائي المحلي. وثمة حاجة ملحة للغاية إلى إعادة الاستثمار في الإنتاج الغذائي المحلي جنبًا إلى جنب مع المساعدة الإنسانية الغذائية وشبكات الأمان. فالاستثمار في إنقاذ سبل كسب العيش الزراعية اليوم يعني إنقاذ أرواح الملايين غدًا. ويتعين على بلدان منطقة الساحل الاستثمار في جعل النظم الزراعية والغذائية أكثر كفاءة وشمولًا واستدامة وقدرة على الصمود".
وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماع شهد أيضًا مشاركة فخامة السيد Mohamed Bazoum، رئيس جمهورية النيجر ورئيس اللجنة الرفيعة المستوى المعنية بالأمن الغذائي والتغذوي التابعة للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا؛ والسيدة Josefa Leonel Correia Sacko، مفوضة الاتحاد الأفريقي؛ والسيد Jean-Claude Brou، رئيس مفوضية الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا؛ والسيد Abdoulaye Diop، رئيس مفوضية الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا؛ والسيد Mathias Cormann، الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي؛ والسيد Josep Borrell Fontelles، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية؛ والسيد Janez Lenarčič، المفوض الأوروبي المعني بإدارة الأزمات؛ والسيدة Jutta Urpilainen، المفوضة الأوروبية المعنية بالشراكات الدولية؛ والسيد David Beasley، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي.
عمل المنظمة في الاستجابة لأزمة الساحل
تكمن أولوية المنظمة في الحرص على عدم تعرض الزراعة والأنشطة ذات الصلة لأي اضطرابات، وبالتالي ضمان تزويد المزارعين والمزارعين الرعاة، بما في ذلك النازحون داخليًا، بمدخلات ذات أهمية زمنية حاسمة، منها البذور والأسمدة، لا سيما في حالة ارتفاع الأسعار، قبل موسم الزراعة الرئيسي المقبل في المنطقة. وتقتضي القضايا الأمنية والرعي الترحالي المبكر الناشئ عن تغير المناخ والظواهر الجوية القصوى وأعمال العنف استجابة مكيفة لدعم الرعاة، في شكل علف حيواني ورعاية بيطرية للحيلولة دون وقوع خسائر في رؤوس الماشية.
ويجب أن يكمن الإنتاج الزراعي والوصول إلى الزراعة في صميم الجهود المبذولة بهدف التخفيف من وطأة هذه الأزمة - على الفور وكجزء أساسي من الحلول الدائمة– لقلب مسار الاتجاه التصاعدي للجوع الحاد في نهاية المطاف.
ويتمثل الهدف الذي تنشده المنظمة في تقديم مساعدة عاجلة في مجال سبل كسب العيش الزراعية لضمان الإنتاج الغذائي المحلي والمغذي على وجه السرعة، ما يمهد الطريق لبناء القدرة على الصمود، بموازاة معالجة مواطن الضعف الكامنة المتعددة التي تؤدي إلى الأزمات الغذائية المتكررة في منطقة الساحل؛ على سبيل المثال، من خلال تزويد السكان بمبالغ نقدية إضافة إلى البذور المكيفة، وعلف الماشية، وتحسين مصادر المياه، وتجديد الأراضي المتدهورة.