روما/ ستوكهولم - سيجري توسيع أداة مبتكرة لإدارة المياه بهدف إتاحتها في جميع أنحاء العالم بفضل مساهمة قدّمتها وزارة الشؤون الخارجية في هولندا إلى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة).
فقد طوّرت المنظمة واستخدمت بيانات ومعلومات عرضتها في بوابة إلكترونية تُعرف بالبوابة الإلكترونية الخاصة بمنظمة الأغذية والزراعة لرصد إنتاجية المياه عبر الانتفاع الحر ببيانات الاستشعار عن بُعد والمعلومات المستمدّة منها (WaPOR) (البوابة الإلكترونية)، وذلك بغرض توفير معلومات شبه آنية يمكن استخدامها في مجموعة من التطبيقات في الزراعة وإدارة الموارد المائية. وتقدّم البوابة حاليًا بيانات تغطي، عند درجة دقة منخفضة، كلًا من أفريقيا والشرق الأوسط.
ويعمل مشروع البوابة الإلكترونية المتمحور حول قاعدة البيانات، على نحو وثيق مع عشرة بلدان شريكة لمساعدتها في بناء قدراتها في مجال استخدام البيانات لتعظيم إدارتها للمياه وتلبية احتياجاتها على مستوى السياسات.
وسيتيح التمويل الإضافي بقيمة 4.95 مليون دولار أمريكي الذي تم الإعلان عنه اليوم خلال الأسبوع العالمي للمياه في ستوكهولم، توسيع قاعدة البيانات على المستوى العالمي وإضافة بلدين اثنين جديدين إلى قائمة الشركاء في آسيا وأمريكا اللاتينية.
وقال السيد Lifeng Li، مدير شعبة الأراضي والمياه في المنظمة: "لقد أثبتت هذه البوابة الإلكترونية فائدتها الكبيرة من خلال ضمان إدارة الموارد المائية في الزراعة على نحو مستدام. ويمثّل توسيع نطاقها لتصل إلى مستوى عالمي تحديًا نحرص على مواجهته، علمًا أنّ الطلب عليها كبير بالفعل".
وعلى نحو ما بيّنته موجات الجفاف التاريخية التي شهدها عدد كبير من البلدان الآسيوية والأوروبية هذا العام، فإنّ الاستخدام المستدام للمياه يمثّل عنصرًا رئيسيًا في تحقيق الأمن الغذائي، لا سيما مع تزايد تواتر الظروف المناخية القصوى وتزايد ندرة المياه. وتتيح تكنولوجيات رصد الأرض مجموعةً متنوعة من الاستخدامات، بما يشمل رصد أنماط استخدام المياه لأغراض الإنتاج الزراعي، ويمكن أن تساعد أيضًا على ضمان الاستفادة من هذا المورد الثمين، ولا سيما مياه الريّ، على أفضل وجه.
وقالت السيدة Kitty van der Heijden، المديرة العامة للتعاون الدولي في وزارة الشؤون الخارجية في هولندا "تعدّ المياه عاملاً تمكينيًا رئيسيًا في الإنتقال إلى نظم غذائية مستدامة ومن الضروري تحسين حوكمة المياه. وهو ما يحدونا إلى الاستثمار في المعارف والبيانات المفتوحة. وقد لاحظنا تأثير البوابة الإلكترونية التي يتسع استخدامها من جانب القطاعين العام والخاص على السواء."
وقال السيد Jippe Hoogeveen، قائد الفريق المعني بمشروع البوابة الإلكترونية لدى المنظمة: "تشكّل إتاحة البوابة الإلكترونية على نطاق العالم فرصةً مُرحّبًا بها وهي ستتيح وصول عدد أكبر من المزارعين في البلدان النامية إلى معلومات محسّنة، بما في ذلك عن اتجاهات نموّ النباتات والإجهاد المائي".
وظيفة البوابة الإلكترونية WaPOR
تقوم البوابة الإلكترونية لرصد إنتاجية المياه عبر الانتفاع الحر ببيانات الاستشعار عن بُعد والمعلومات المستمدّة منها (WaPOR) بمعالجة البيانات الساتلية لتقديم معلومات من شأنها مساعدة المزارعين على زيادة غلالهم الزراعية التي يمكن الاعتماد عليها بشكل أكبر، وإتاحة الفرصة لتعظيم الاستفادة من نظم الريّ. فعلى الصعيد العالمي، تمثّل الزراعة 72 في المائة من مجموع المياه العذبة المستمدّة من الأنهار، وطبقات المياه الجوفية، والبحيرات؛ ومن ثمّ فإنها مصدر رئيسي للمياه.
وفي إطار السعي إلى إيجاد الطريقة الأفضل لاستخدام هذا المورد المحدود في سياق عالمي تسوده ندرة المياه والظواهر الجوية المتقلّبة، يشكّل تركيز الحلول على الزراعة مسار عمل ناجحًا. ويمثّل الترويج لاستخدام أداة تكنولوجية تقدّم معلومات شبه آنية، وهي منفعة عامة رقمية ترمي إلى تعزيز إنتاجية المياه، ضرورةً تشتدّ الحاجة إليها، ويجري تنفيذها ضمن المجتمعات الرعوية في بوركينا فاسو ومالي وقريبًا في العراق.
ومن بين البيانات التي تقدّمها هذه البوابة الإلكترونية بيانات عن النتح التبخري تتعلق بمرحلة رئيسية من مراحل دورة المياه الطبيعية تتكوّن من المياه التي تتبخّر مباشرة في الغلاف الجوي والمياه التي تعود إلى الغلاف الجوي بعد مرورها في النباتات، لتعاود الظهور كبخار تنضحه أوراقها. ويقدّم هذا المقياس تقييمًا دقيقًا لمدى استهلاك محصول ما للمياه في فترة زمنية معيّنة، خلال موسم زراعي مثلًا. وعندما تكون هذه المعلومات متصلة بالكتلة الأحيائية وغلة المحاصيل القابلة للحصاد، فإنها توفّر وسيلةً لقياس إنتاجية المياه، وهو مؤشر للناتج يرتبط بالمياه المستخدمة كمدخلات ولمحاصيل محددة في أماكن محددة. وتنتج هذه الأداة خرائط تبيّن الكتلة الأحيائية والغلال لكل متر مكعّب من المياه. باختصار، تُعرض إنتاجية المياه بمقاييس تصل أدقّها إلى شبكات من 30 مترًا يجري تحديثها في كل فترة ما بين يوم واحد و10 أيام، مع إمكانية الرجوع بالطلبات إلى بيانات عام 2009.
ويمكن استخدام قاعدة البيانات هذه في مجموعة متنوعة من السياقات مثلًا لدى تقييم أداء نظم الريّ في الأراضي المخصصة لزراعة قصب السكّر في موزامبيق؛ أو تقييم الموارد المائية في حوض نهر النيل (في إطار عملية مساءلة بشأن المياه)؛ أو رصد تأثير الصراع على المناطق الزراعية في الجمهورية العربية السورية. ويجري حاليًا استخدام بيانات هذه البوابة الإلكترونية في مالي وبوركينا فاسو، بموازاة بيانات محلية لمساعدة الرعاة المتنقلين على تقييم إنتاج العلف الحيواني.
وفي عام 2020، تم تقديم البوابة الإلكترونية خلال مؤتمر دولي بعنوان "الذكاء الاصطناعي، الأغذية للجميع" حيث تم عرضها كمثال ملموس عن أوجه استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم صانعي القرارات في مواجهة التحديات العالمية الزراعية والبيئية ومساعدة المزارعين على إنتاج كميات أكبر من الأغذية المغذية بكميات أقل من المياه. وخلال المنتدى العالمي للمياه الذي عُقد هذه السنة في دكار، السنغال، تم الاعتراف بالبوابة الإلكترونية بوصفها مشروعًا لمبادرة دكار لعام 2022، مع التنويه بقيمها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الفعلية وتأثيراتها الإيجابية على حياة الشعوب.