روما - يميط تحليل جديد للأمن الغذائي والتغذية اللثام عن أنه في الوقت الذي تتسع فيه رقعة المجاعة في أنحاء من الصومال، فإنه يمكن رؤية مستويات مذهلة من المعاناة في مختلف أرجاء البلاد. وردًا على ذلك، أصدر رؤساء اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، وهي المنتدى الأعرق والأرفع لتنسيق الشؤون الإنسانية في منظومة الأمم المتحدة، بيانًا اليوم يدعون فيه إلى ضخ أموال كثيرة للتمكن من تحقيق زيادة هائلة في المساعدات المقدمة.
وإن الأشخاص الذين يعانون من المجاعة والجوع الشديد في الصومال اليوم هم في غالب الأحيان من ملاك الماشية وأفراد الأسر الريفية. فبقاؤهم على قيد الحياة يتوقف على بقاء قطعانهم. وترتبط تغذية أطفالهم بشكل وثيق بصحة حيواناتهم وإنتاجيتها. وقد ظلت هذه الحيوانات تتعرض للنفوق بمعدل فظيع خلال السنة الماضية.
ولئن بادرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) فعلًا لتحويل الدعم المستمر الذي تقدمه إلى هذه المجتمعات الريفية إلى مساعدات نقدية، إلى جانب الأعلاف الحيوية للماشية والرعاية والمياه، فإن هناك حاجة ماسة إلى أكثر من ذلك بكثير.
فقد أجبرت المستويات التي لم يسبق لها مثيل من الجفاف، إضافة إلى الارتفاع الكبير جدًا في أسعار الأغذية والنزاعات وتفشي جائحة كوفيد-19، ما يزيد عن مليون شخص – غالبيتهم من النساء والفتيات - على ترك منازلهم وأراضيهم وأسلوب حياتهم واللجوء إلى المخيمات حيث باتوا يواجهون مخاطر جمّة تتعلق بحمايتهم ويضطرون إلى التعويل على المساعدات الخارجية لتلبية جميع احتياجاتهم – من الماء والغذاء والرعاية الصحية والمأوى. وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة من 4.1 مليون شخص في بداية عام 2022 إلى 7.1 مليون شخص خلال الفترة الممتدة بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2022.
ورغم ما ينطوي عليه دعم سبل العيش من أهمية حاسمة بالنسبة إلى بقاء الناس على قيد الحياة، فإنه يعاني من نقص تمويل شديد في الاستجابة الإنسانية الجارية، ومن يعانون من ذلك أكثر من سواهم هم سكان الريف الذين يصعب الوصول إليهم. والجدير بالذكر أن كل دولار واحد يستثمر في حماية سبل العيش الريفية يؤدي إلى توفير 10 دولارات تقريبًا من المساعدات الغذائية للأسر النازحة. ولئن تمكّنت المنظمة من الوصول إلى 661 333 أسرة خلال الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب من هذا العام من خلال المساعدات النقدية وسبل العيش المنقذة للأرواح، فإن حجم المساعدات التي يجري إتاحتها حاليًا والتمويل المقدم من المجتمع الدولي غير كافيين بعد لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
فجوة التمويل
تقدم المنظمة، أقرب ما يكون إلى المجتمعات المحلية المتضررة في الصومال، المساعدة إلى المناطق الريفية. وهذا يساعد على الحفاظ على لحمة الأسر والمجتمعات المحلية أثناء الأزمات، بما يؤدي إلى التقليل من المخاطر النفسية والاجتماعية والجسدية التي يتعرض لها الأشخاص المستضعفون، وتمهيد الطريق للتعافي بوتيرة أسرع في المستقبل. وتظل المنظمة، بفضل ما تتمتع به من شبكة راسخة من الشركاء المحليين وطرائق التنفيذ، الوكالة ذات الإمكانات الأكبر للوصول إلى السكان وذات النظم القائمة لتوسيع نطاق المساعدات المنقذة للأرواح في المناطق الريفية التي يصعب الوصول إليها والمهددة بخطر المجاعة.
وتشمل العناصر الرئيسية لخطة الاستجابة التي رسمتها المنظمة التحويلات النقدية المباشرة وبرامج النقد مقابل العمل التي تستهدف على وجه التحديد المجتمعات الريفية، إلى جانب مجموعة من تدابير الدعم من قبيل إبقاء حيوانات الرعاة منتجة وعلى قيد الحياة عن طريق توفير الأعلاف والمياه والرعاية البيطرية؛ وتوزيع أصناف من الذرة الرفيعة والذرة واللوبياء وغيرها من الفاصوليا والخضار التي تتحمل الجفاف والتي تنضج مبكرًا، على الأسر التي تعيش على ضفار الأنهار والتي لا تزال قادرة على ممارسة الزراعة رغم الجفاف.
وتحتاج المنظمة في الصومال بشكل عاجل إلى حوالي 270 مليون دولار أمريكي لمد يد العون إلى 1.8 مليون شخص في 52 مقاطعة من خلال تقديم الدعم الفوري لإنقاذ الأرواح وحماية سبل عيشهم. ولا تزال مستويات التمويل منخفضة للغاية، حيث لم يتم تمويل سوى 23 في المائة من الخطة في أغسطس/آب 2022.
نبذة عن اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات
تجمع اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الرؤساء التنفيذيين لما مجموعه 18 منظمة، بما فيها منظمة الأغذية والزراعة، لصياغة السياسات وتحديد الأولويات الاستراتيجية وتعبئة الموارد لمواجهة الأزمات الإنسانية.