روما - توجّه اليوم السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) بكلمة إلى صانعي السياسات على المستوى الدولي قائلًا إنّ عوامل الخطر التي قد تحوّل الأزمة الراهنة للحصول على الأغذية إلى أزمة على صعيد توافر الأغذية في المستقبل، آخذة في التفاقم.
وقال خلال الاجتماع المشترك بين وزراء المالية والزراعة في بلدان مجموعة العشرين: "علينا أن نعمل جميعًا معًا لمنع حدوث سيناريو مماثل".
واعتبر أنّ الأزمتين العالميتين المتتاليتين، أي جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، قد أدّتا إلى جانب الصراعات الأخرى المستمرة حول العالم إلى حدوث أزمة خطيرة على صعيد الحصول على الأغذية، فيما يبيّن مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية ارتفاع أسعار السلع الغذائية المتداولة على الصعيد الدولي.
وأشار المدير العام إلى أنّ انخفاض مخزونات بعض السلع الأساسية، وارتفاع تكاليف الطاقة والأسمدة، وسوء الأحوال الجوية في عدّة بلدان منتجة رئيسية، إلى جانب الشكوك المتصلة بالسياسات التجارية، والمخاطر المرتبطة بالصراع القائم في أوكرانيا، تشكّل كلها أسبابًا تبعث على القلق.
واستطرد قائلًا: "يمثّل تضخم الأسعار المحلية للأغذية مصدر قلق بوجه خاص، ولا سيما بالنسبة إلى أشدّ السكان فقرًا وأكثرهم ضعفًا الذين ينفقون نصيبًا أعلى من دخلهم على الأغذية"، مشيرًا إلى أنّ معظم البلدان تشهد ارتفاعًا في أسعار الأغذية بالتجزئة يتراوح بين 10 و30 في المائة على أساس سنوي.
وقال السيد شو دونيو إنّ ضعف الكثير من العملات الوطنية مقابل الدولار الأمريكي يساهم أيضًا في ارتفاع تكاليف الواردات الغذائية، مثلًا في بلدان العجز الغذائي "التي تشتري كميات أقلّ من الأغذية بأسعار أعلى" وعددها 62 بلدًا.
وحذّر المدير العام من توقع استمرار الدوافع الرئيسية للأزمات الغذائية خلال عام 2023، ومنها عدم كفاية الاستثمارات في النظم الزراعية والغذائية، بحيث قد يدفع ارتفاع تكاليف مدخلات الطاقة والإنتاج والتجارة المزارعين إلى "إنتاج كميات أقلّ، أو تصدير كميات أقلّ، وكسب مداخيل أقلّ" ما من شأنه أن يؤدي إلى حدوث أزمة على صعيد توفر الأغذية.
ودعا الوزراء إلى التركيز على دعم وصول جميع البلدان والفئات السكانية الفقيرة والضعيفة إلى الأغذية، وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية والمساعدة الإنسانية، والالتزام بتوفير سوق عالمية ونظام تجاري مفتوحَين يمكن التنبؤ بهما ويعملان بشكل جيّد. وأضاف قائلًا إنّه ينبغي لوزراء المالية أن يقيموا حوارًا وثيقًا مع وزراء الزراعة في بلدان مجموعة العشرين.
خريطة منهجية للمستقبل
رحّب المدير العام للمنظمة بالقرار الذي اتخذه المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بالموافقة على إنشاء "نافذة لمواجهة صدمة الأغذية" من شأنها توفير التمويل في حالات الطوارئ للبلدان التي تواجه مشاكل في ميزان المدفوعات جراء الأزمة العالمية على صعيد القدرة على تحمل أسعار الأغذية.
وأشار إلى أنّ هذه النافذة تتماشى مع الاقتراح الذي تقدمت به المنظمة لإنشاء مرفق عالمي لتمويل الواردات الغذائية، وأفاد بأنه ما زال من الضروري التفكير لا في سبل ضمان حصول هذه البلدان على الأغذية في الأجل القصير فحسب، بل أيضًا في تعزيز قدرتها على إنتاج الأغذية بكفاءة.
وتحظى الأسمدة باهتمام خاص في ظل رئاسة إندونيسيا لمجموعة العشرين التي ستتكلل بعقد مؤتمر قمة للقادة في بالي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.
وأكّد السيد شو دونيو أنّ منظمة الأغذية والزراعة على أهبة الاستعداد للمساهمة من الناحية الفنية في عملية رسم خارطة الطريق وتحويل النظم الزراعية والغذائية بالتعاون مع البنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى. وأضاف قائلًا: "علينا أن نتجنّب ازدواجية الجهود الجارية، بل يجدر بنا أن نستفيد من المبادرات التي أثبتت جدواها بالفعل".