روما – جرى اليوم افتتاح منتدى العلوم والابتكار الأول من نوعه المنبثق عن منتدى الأغذية العالمي والذي سلّط الضوء على الدور الحاسم الذي تؤديه العلوم والتكنولوجيا والابتكار في تحويل نظمنا الزراعية والغذائية.
وسيستعرض المنتدى، الذي تستضيفه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، التطورات العلمية الرئيسية وسيمثل منصة من أجل مناقشة ما تنطوي عليه من فرص ومخاطر في سياق ضمان أمن سبل العيش والأمن الغذائي والتغذوي للجميع.
وقال المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو في حفل الافتتاح: "نحن نشهد ثورة في العلوم والتكنولوجيا تتسارع خطاها بوتيرة مذهلة".
وأشار إلى أمثلة على التحسينات الجينية في المحاصيل والثروة الحيوانية والابتكارات في طرق تربية الحيوانات وتكنولوجيات التعديل الجيني التي تتمتع بإمكانات عظيمة تمكّن من زيادة قدرة المحاصيل على تحمل حالات الإجهاد ومقاومتها للآفات والأمراض. كما ذكر الاستشعار عن بعد ومعلومات الأقمار الاصطناعية وقدرتها على توفير إنذارات مبكرة للحكومات والمزارعين تساعدهم على التكيف بصورة أفضل مع التهديدات والأزمات.
تزايد الجوع في العالم
قال السيد شو دونيو إنّ جائحة كوفيد-19 قد أبرزت مواطن الضعف في النظم الزراعية والغذائية وأوجه عدم المساواة في المجتمعات، فأدّت إلى زيادات إضافية في معدلات الجوع وانعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم. وكان عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في عام 2021 يصل إلى 828 مليون شخص، وهو يمثل زيادة بمقدار 150 مليون شخص منذ تفشي الجائحة.
وقال السيد شو دونيو: "لا بدّ أن نتخذ إجراءات فورية من أجل عكس هذا الاتجاه غير المقبول. وتوفر العلوم والابتكار الأسس التي تقوم عليها عملية صنع القرار المستندة إلى الأدلة من أجل تلك الإجراءات".
وقال أيضًا: "لا بدّ أن نزيد الاستثمارات في البحوث الزراعية من أجل التنمية، التي ظلت منخفضة للغاية لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا"، مضيفًا أنه مقابل كل 100 دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي لا يتم إنفاق سوى 34 إلى 72 سنتًا فقط على البحث والتطوير في مجال الزراعة.
وأعرب المدير العام عن سروره للفرصة المتاحة للتركيز بشكل جماعي على الطريقة التي يمكن من خلالها للعلوم أن تساهم وتوفر حلولًا مبتكرة تفضي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الإطار الاستراتيجي
إنّ الإطار الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة للفترة 2022-2031 يضع في صميمه الرؤية المتمثلة في عدم ترك أي أحد خلف الركب عن طريق توطيد نظم زراعية وغذائية أكثر كفاءة وشمولًا واستدامة وقدرة على الصمود. وتعدّ التكنولوجيا والابتكار عاملين من العوامل المسرّعة الأربعة في الإطار الاستراتيجي للمنظمة، إلى جانب البيانات والعناصر المكملة (الحوكمة ورأس المال البشري والمؤسسات).
ومن المهم تسخير العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل الاستفادة من الفرص الناشئة وبناء عالم خالٍ من الفقر والجوع وسوء التغذية. وسعيًا من المنظمة إلى وضع مبادراتها في إطار متسق وتيسير بلورة مبادرات جديدة، قامت بإعداد استراتيجية العلوم والابتكار الأولى من نوعها لديها.
وترى المنظمة أنه لكي تكون التكنولوجيات والابتكارات قادرة على المساعدة في الحد من الجوع وسوء التغذية وأوجه عدم المساواة الأخرى في العالم، لا بدّ لها أن تكون جزءًا من جهود موحدة تضم مجموعة واسعة من التدخلات الأخرى.
ويشكل منتدى العلوم والابتكار جزءًا من منتدى الأغذية العالمي إلى جانب منتدى الشباب العالمي ومنتدى الاستثمار الخاص بمبادرة العمل يدًا بيد؛ حيث إنّ الهدف هو تضافر هذه العناصر الثلاثة الحاسمة من أجل إحداث التغيير.
وقالت السيدة أسمهان الوافي كبيرة العلماء في المنظمة قُبيل حفل الافتتاح، إنه سيكون من الضروري إعادة تصميم الزراعة بغية زيادة إنتاج الأغذية في المستقبل باستخدام قدر أقلّ من المدخلات، وستكون العلوم والتكنولوجيا والابتكار عوامل رئيسية في تحقيق ذلك. وأضافت أنّ المعارف موجودة، إنما هناك حاجة إلى الاستثمارات والسياسات من أجل تبني تلك المعارف والارتقاء بها.
قدرة العلوم على التحويل
كان موضوع حفل افتتاح منتدى العلوم والابتكار هو قدرة العلوم على التحويل: هل ما نقوم به كافٍ من أجل تسخير إمكانات العلوم والابتكار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
وتخللت الحفل كلمة رئيسية ألقاها السيد إسماعيل سراج الدين، الرئيس المشارك لمركز Nizami Ganjavi الدولي.
وركزت الجلسة المنعقدة مع كبار العلماء في وكالات الأمم المتحدة على الطريقة التي يمكن من خلالها للعلوم أن تساهم وتوفر حلولًا مبتكرة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع مراعاة الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية مراعاة كاملة، من دون ترك أي أحد خلف الركب. وقامت السيدة Magdalena Skipper، رئيسة تحرير مجلة Nature، بإدارة النقاش خلال الجلسة الذي شارك فيه كلّ من السيدة Soumya Swaminathan، كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية؛ والسيدة نجاة مختار، نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ والسيدة Andrea Hinwood، كبيرة العلماء في منظمة الأمم المتحدة للبيئة؛ والسيدة Shamila Nair-Bedouelle، مساعد المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة؛ والسيدة أسمهان الوافي والسيد إسماعيل سراج الدين. وأعقبت ذلك جلسة أسئلة وأجوبة.
وستقوم المنظمة خلال المنتدى بالكشف عن تفاصيل التقرير الذي سيصدر قريبًا عن توقعات النظم الزراعية والغذائية والتكنولوجيا والابتكار واستضافة مناقشة بشأنه، وهو منتج معرفي جديد مصمم من أجل إرشاد الحوارات والقرارات السياسية القائمة على الأدلة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاستثمارات.
وتقام فعاليات أخرى أثناء منتدى العلوم والابتكار تتناول قضايا متنوعة مثل زيادة الإنتاجية الزراعية في أفريقيا والتفاعل بين العلوم والسياسات والمجتمع وتقنيات التعديل الجيني والخطوات المقبلة في استراتيجية العلوم والابتكار الأولى من نوعها في المنظمة ورقمنة النظم الزراعية والغذائية والحلول القائمة لأزمة الأسمدة إلى جانب قضايا كثيرة أخرى مدرجة في البرنامج.
وتعكف المكاتب الإقليمية للمنظمة على تنظيم فعاليات مختلطة، كجزء من فعاليات المنتدى، بغية إبراز الطابع العالمي لهذا الحدث. كما تقام فعاليات خاصة أيضًا من أجل معالجة قضايا مثل الفاقد والمهدر من الأغذية وأسعار الأسمدة.
وقد جرى تنظيم أحداث جانبية مستقلة زاد عددها عن 100 حدث في الفترة بين 12 و14 أكتوبر/ تشرين الأول قبيل انعقاد منتدى العلوم والابتكار.
حلقة نقاش
قامت السيدة الوافي يوم الاثنين، في مستهلّ منتدى الأغذية العالمي، بإدارة حلقة نقاش مع السيدة Bibi Ameenah Firdaus Gurib-Fakim، الرئيسة السابقة لجمهورية موريشيوس؛ والسيدة Shakuntala Thilsted، الحائزة على جائزة الأغذية العالمية؛ والسيدة Sjoukje Heimovaara، رئيسة المجلس التنفيذي لجامعة ومركز بحوث فاغينينغين؛ والسيد Jian Wang، رئيس مجلس إدارة مجموعة BGI.
وكان من بين الأسئلة التي جرت مناقشتها كيف يمكن لصانعي السياسات تسخير العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل تحويل نظمنا الزراعية والغذائية؛ وما هو دور التعليم العالي والبحث الأكاديمي في تسخير العلوم والتكنولوجيا والابتكار؛ وما هو دور القطاع الخاص في تحويل النظم الزراعية والغذائية.
ويشهد المنتدى حضور عدد من كبار العلماء في الأمم المتحدة وكبار العلماء من العديد من البلدان ومشاركين آخرين من جميع أنحاء العالم، وهو يقام في الفترة بين 19 و21 أكتوبر/ تشرين الأول.