روما – من شأن إدراك طريقة توزيع القيمة عبر النظم الزراعية والغذائية في العالم أن يسهّل كثيرًا من تحسينها وتحويلها.
تسعى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) إلى المساهمة في قاعدة الأدلة المطلوبة من خلال إعداد مجموعة بيانات جديدة من أجل تتبّع طريقة تدفق الموارد عبر الاقتصاد وتقييم عدد الموارد التي ينتهي بها المطاف في القطاع الزراعي.
وقد بات مجال سلسلة القيمة الغذائية الجديد متاحًا الآن على بوابة قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية (FAOSTAT). ويهدف هذا المجال إلى تصنيف النفقات الغذائية الوطنية حسب المستهلكين النهائيين من خلال المراحل المختلفة لسلاسل القيمة الزراعية والغذائية، وذلك باتباع نهج "الأموال المخصصة للأغذية" الذي أطلقته دائرة البحوث الاقتصادية في وزارة الزراعة الأمريكية. وقد تعاونت المنظمة وجامعة كورنيل ودائرة البحوث الاقتصادية من أجل تكييف نهج وزارة الزراعة الأمريكية وتوسيع نطاقه، مع التركيز على تحقيق فهم أفضل لحجم الدور الذي تؤديه الوساطة في سلسلة القيمة الغذائية بعد الحصاد، مثل التجهيز والتخزين والنقل والبيع بالجملة.
ويحتوي مجال قاعد البيانات الإحصائية الجديد، الذي سيجري توسيع نطاقه بشكل مطرد، على معلومات عن 65 بلدًا من عام 2005 وحتى عام 2015. ويظهر أن حوالي 20 في المائة من الإنفاق على الأغذية في المنزل يعود إلى المزارعين، وحوالي الربع إلى التجهيز، وحوالي النصف إلى البيع بالتجزئة وتجارة الجملة.
وفي الوقت نفسه، فإن حوالي 6.7 في المائة فقط من إنفاق المستهلكين على الأغذية خارج المنزل يعود إلى المزارعين. كما أن هذا الرقم يتناقص بشكل مطرد، وهو ما يبرز الحاجة إلى التنبه إلى بُعد سلاسل القيمة الغذائية لمرحلة ما بعد الإنتاج الزراعي.
وعلى سبيل المقارنة، حصل المزارعون في الولايات المتحدة الأمريكية على 14.5 سنتات مقابل كل دولار أنفقه المستهلك على الأغذية المنتجة محليًا، وستة سنتات مقابل كل دولار يُنفق على الأغذية خارج المنزل.
ومن بين جداول الأعمال السياساتية الأخرى، يُعد وجود البيانات المتسقة من هذا النوع عنصر أساسي من أجل إجراء تحليل استراتيجي للقدرة على توليد فرص العمل ضمن النظام الزراعي والغذائي بأكمله.
وقال السيد Jose Rosero Moncayo، رئيس شعبة الإحصاءات في المنظمة، إن مجال قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية الجديد يمثّل تحوّلًا مهمًا ومعقدًا لنقل جمع الإحصاءات وتحليلها من التركيز على قطاع الزراعة إلى التركيز على النظم الزراعية والغذائية بوجه عام. وثمة مثال آخر وهو العمل المبدع الذي تقوم به قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية بشأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر المزارع لكي ترسم معالم هذا الطيف.
توضيح البيانات
إن حصة المزارعين من الأغذية خارج المنزل، وهو القطاع الأكثر ديناميكية في النظم الزراعية والغذائية، تتفاوت تفاوتًا كبيرًا في مختلف أنحاء العالم، من أقل من 0.5 في المائة في سنغافورة إلى 25 في المائة في الهند.
وقال نائب مدير الإحصاءات السيد Piero Conforti، "في العادة، كلّما يزداد الثراء، كلما تكتسب المتاجر الكبرى وشركات تجهيز الأغذية الكثير من القوة مقارنة بالمزارعين، وهذه البيانات توضح ذلك".
وفي الواقع، تعتبر الحصة العائدة إلى المزارعين نقطة انطلاق لاكتساب رؤى رئيسية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون حصة المزرعة من الأموال المخصصة للأغذية أعلى عندما تنتج الزراعة الكثير من الفواكه ومنتجات البستنة العالية القيمة. وفي حال انخفضت حصة المزرعة بسبب التنمية الاقتصادية الشاملة في بلد ما، يكون ذلك تطورًا مرحبًا به، وهو ما يُحتمل أن يعزّز من قيمة مدخلات المزرعة الموجهة للأغذية خارج المنزل، نظرًا إلى أن الأشخاص لديهم استعداد أكبر للإنفاق.
وسيتم بشكل منتظم تحديث مجموعة البيانات الحالية وتوسيع نطاقها لكي تشمل المزيد من البلدان، وهو ما يؤدي إلى استقطاب المزيد من البيانات المتوفرة حول العالم. وفي الوقت الحالي، تتضمن مجموعة البيانات بالضرورة فئات واسعة يمكن أن تشمل عناصر خارجية مثل التبغ، بينما تتضمن معظم القياسات الحالية لحصة الأغذية خارج المنزل رسوم الإقامة أو الترفيه.
ورغم القيود على مستوى التغطية والتأخر الزمني الحتمي في الوقت الراهن، يشكل افتتاح هذا المجال خطوةً مهمة إلى الأمام في ما يخص اعتماد وجهة النظر أوسع، وهي خطوة تشمل العملية الممتدة من الإنتاج الأولي إلى استهلاك الأغذية ككل.