روما – إنّ أحد التحديات الإنمائية الرئيسية التي تواجهها سلاسل القيمة الزراعية الحالية السريعة التوسع هو ربط صغار المزارعين بالأسواق التنافسية بشكل متزايد. والنسق الذي تتبعه التحالفات الإنتاجية بين صغار المزارعين والقطاع العام والقطاع الخاص هو نوع من الشراكة ينطوي على إمكانات كبيرة في هذا الصدد.
وهذه هي الرسالة التي تَردّد صداها في حلقة عمل استضافتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) هذا الشهر، وجمعت خبراء وممارسين وصانعي سياسات، وكانت بمثابة منصة للتبادل والحوار لمناقشة الإمكانات الهائلة للتحالفات الإنتاجية وأفضل الممارسات الممكنة.
وتشير الأدلّة بشكل متزايد إلى أن نهج التحالفات الإنتاجية يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتكامل السوق والمبيعات ودخل صغار المزارعين. وبالاستفادة من قصص النجاح في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وأفريقيا، يكمن الهدف من ذلك في أن نتمكن في المستقبل من تكرار هذا النموذج في مناطق أخرى.
ربط أصحاب الحيازات الصغيرة بالأسواق
تصف "التحالفات الإنتاجية" نوعًا محدّدًا من الشراكة بين ثلاثة عناصر فاعلة رئيسية: صغار المنتجين والمشترون والقطاع العام؛ وتوجد في جوهرها خطة أعمال تحدّد الأموال المستمدة من إحدى المؤسسات العامة واحتياجات المنتجين، وتقترح تحسينات تمكّنهم من تحسين قدراتهم ومهاراتهم الإنتاجية. ويتمّ عادةً دعم تنفيذ خطة الأعمال هذه بثلاثة مدخلات و/أو أنشطة رئيسية موجهة نحو احتياجات المنتجين، وهي الاستثمار في الإنتاج والمساعدة الفنية وتطوير الأعمال. ويجري تمويل هذه المدخلات الرئيسية من خلال المِنح العامة التي يقدّمها المشروع.
والهدف من ذلك هو إقامة علاقات أعمال تجارية مباشرة بين الشركات الكبرى وصغار المزارعين، وتعزيز قدرة صغار المزارعين على أن يكونوا مورّدين دائمين للشركات المشترية، وبالتالي تسهيل وصولهم إلى الأسواق وزيادة قدرتهم التنافسية.
مثال بنن وإمكانية تكراره
ركّزت حلقة العمل، التي ضمّت خبراء من المنظمة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية والبنك الدولي، على مشاريع التحالفات الإنتاجية في أفريقيا. وشارك في الجلسات الفنية ممثلون وخبراء رفيعو المستوى من مؤسسات مختلفة في بنن وتبادلوا تجربة بلادهم الناجحة وأفضل الممارسات الممكنة التي يمكن الترويج لها كنموذج يُحتذى في الأقاليم أخرى.
وفي عام 2019، استثمرت حكومة بنن 100 مليون دولار أمريكي من أجل توطيد الروابط بين المنتجين والمشترين والقطاع العام ضمن سلاسل قيمة الأعمال التجارية الزراعية. وأطلقت حكومة بنن مشروع دعم التنمية الزراعية والوصول إلى الأسواق (PADAAM). ويدعم هذا المشروع تطوير التحالفات الإنتاجية على طول سلاسل القيمة الغذائية الأساسية (الأرزّ والذرة والكسافا) من أجل تحسين الأداء والشمول في نظام الأعمال التجارية الزراعية. ومنذ بدء المشروع، قدّمت المنظمة المساعدة من خلال المشورة الفنية والمتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى بناء القدرات والتمويل.
ويتوجه البرنامج في الغالب إلى النساء والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عامًا والذين يشكلون 40 و30 في المائة من المستفيدين، على التوالي. وبعد أربع سنوات من التنفيذ، اكتسبت بنن خبرة مهمة في تطوير التحالفات الإنتاجية وسُجّلت آثار غير مباشرة كبيرة في أجزاء مختلفة من نظام الأعمال التجارية الزراعية.
وقد شهد إقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أيضًا على القوة التحويلية للتحالفات الإنتاجية في تحفيز النمو الزراعي وتمكين المجتمعات المحلية الريفية. ويُعدّ قطاع البنّ مثالًا رئيسيًا على نهج التحالفات الإنتاجية لإدماج المرأة في كولومبيا، حيث بدأت الرابطة النسائية (Mujeres Productoras Agropecuarias del Departamento del Cauca) AMACA في عام 2008، في إلتامبو - وهي منطقة تشهد أعمال عنف - بإقامة شراكات استراتيجية مع صغار المزارعين والتعاونيات والمصدّرين والوكالات الحكومية من أجل تحسين نظم الإنتاج. ومن خلال هذه الشراكات، قدمت رابطة AMACA المساعدة الفنية وإمكانية الحصول على الائتمانات ودعم التسويق، ما مكّن المزارعات من زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات والنفاذ إلى الأسواق العالمية.
تعهّد من أجل مستقبل النظم الزراعية والغذائية
قال السيد Divine Nganje Njie، نائب مدير شعبة النظم الغذائية في المنظمة، في مداخلته إنه "في سياق الزراعة والإصلاحات الاقتصادية الأوسع التي ينفذّها عدد من الحكومات في أفريقيا، سيؤدي تبادل التجارب وتحديد أفضل الممارسات بشأن التحالفات الإنتاجية إلى قطع شوط طويل لتسهيل التحوّل إلى نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة على مختلف المستويات".
وتشير الأدلّة المستقاة من حلقة العمل إلى أن التحالفات الإنتاجية لديها القدرة على قيادة التغيير التحويلي والنظامي. وتناولت حلقة العمل نُهج التحالفات الإنتاجية، وسلّطت الضوء على المخاطر ووجهات النظر، وأتاحت تبادل التجارب بين البلدان الأفريقية بهدف تحسين النهج المتبع من منظور النُظم وإيجاد طرق لنقله إلى أقاليم أخرى. ويشكّل مثال بنن بارقة أمل من أجل إحداث التغيير التحويلي في المشهد الزراعي في أفريقيا وفي أقاليم أخرى.