اخبارنا

slider

منظمة الأغذية والزراعة في الاجتماع الخامس العشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي: ما هي الخطوة التالية؟

روما - في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتمد مجتمع دول العالم إطارًا تاريخيًا من أجل دعم التنوع البيولوجي العالمي، ويتضمن هذا الاتفاق مساهمات كبيرة مقدمة من منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) الملتزمة بضمان إيلاء الاعتبار الواجب لاحتياجات النظم الزراعية والغذائية وآثارها.

وتمت الموافقة على إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي في مؤتمر قمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي المتمثل في الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، وذلك بعد مفاوضات ماراثونية في المقر الرئيسي لاتفاقية التنوع البيولوجي، وهي المعاهدة المتعددة الأطراف المكلفة بحفظ التنوع البيولوجي واستخدام مكوناته بشكل مستدام.

وتوضّح الوثيقة الغايات الأربع والأهداف الـ 23 المعتمدة لعام 2030، والتي تشمل تعهدًا بحماية 30 في المائة من أراضي البر والمحيطات والمناطق الساحلية والمياه الداخلية، وإعادة تخصيص 500 مليار دولار أمريكي من الإعانات الحكومية السنوية بحيث توفر حوافز بدلًا من الإضرار بتحقيق أهداف التنوع البيولوجي، وإنشاء حساب أمانة خاص تحت رعاية مرفق البيئة العالمية لدعم تنفيذ الإطار الجديد.

وقالت السيدة Maria Helena Semedo، نائب المدير العام للمنظمة، التي ترأست وفد المنظمة المشارك في القمة وتضطلع بالمسؤولية عن مسار الموارد الطبيعية والإنتاج المستدام في المنظمة، "لقد تكلّلت أعمال قمة الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي بالنجاح، إذ تم الاتفاق على إطار عمل للمستقبل". وأضافت بالقول "باتت لدينا الآن أهداف قابلة للقياس وآليات مالية مخصصة، وهو ما يعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام".

ويتوّج هذا الإطار، الذي أشاد به الأمين العام للأمم المتحدة السيد António Guterres كخطوط عريضة "لميثاق سلام مع الطبيعة"، سنوات من العمل المتعدد الأوجه الذي اضطلعت به المنظمة التي تم تكليفها في الاجتماع الثالث عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2016 بإنشاء منصة لتعميم التنوع البيولوجي وإدارتها من أجل تعزيز الحوار بين قطاع البيئة، الذي غالبًا ما يركّز على الحفظ، والقطاعات الزراعية، التي تحدث وظيفتها المتمثلة في تغذية العالم، بما لا يقبل الشك، أثرًا كبيرًا على الموارد الطبيعية في العالم.

وقامت المنظمة بتوزيع ورقة بيضاء على الوفود المشاركة في الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، وطُلب من خبراء المنظمة مرارًا وتكرارًا تقديم إسهامات فنية خلال مفاوضات اتفاقية التنوع البيولوجي التي تم اختتامها للتو.

واستضافت المنظمة وشركاؤها أيضًا سلسلة من الأحداث الجانبية من أجل تسلّيط الضوء على مواضيع محددة. وشملت هذه المواضيع أهمية المناطق الجبلية، واستعادة النظم الإيكولوجية للغابات، ودور الشعوب الأصلية ومعارفها، وأدوار لحوم الطرائد البرية والإدارة المستدامة للحياة البرية، والملقحات، ومصايد الأسماك، والتأكد من أن التدفقات المالية تتماشى مع المسارات الإيجابية للطبيعة، وآفاق فرص الاقتصاد الأحيائي القائمة على الأدلة للمساهمة في تعميم التنوع البيولوجي العالمي وتسريع وتيرته.

وخلال الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، أطلقت المنظمة أيضًا المرصد العالمي للتنوع البيولوجي للتربة (GLOSOB) الذي يهدف إلى تعميق المعرفة بشأن الوظائف الحاسمة لما تدعوه السيدة Semedo بالتنوع البيولوجي "الذي لا نراه". وحتى الآن، جرى تحديد جزءٍ صغير فقط من الكائنات الحية في التربة، ويوفر هذا المرصد العالمي فرصة عاجلة للبلدان – وكبار مزارعيها وصغارهم- للمساهمة في قياس ورصد ما يحدث على المستوى الذي يبدأ فيه إنتاج الأغذية.

منظمة الأغذية والزراعة والاستخدام المستدام

في حين أن العديد من مناصري حفظ التنوع البيولوجي يفضلون منذ زمن طويل توسيع المناطق المحمية، تؤيد المنظمة وجهة نظر تتمثل في أن الكثير من هذه المناطق ضروري للأمن الغذائي والتكامل الثقافي لشعوب العالم، ما يؤكد أهمية إدارة أهداف متعددة بطريقة شاملة.

وعلاوة على ذلك، ونظرًا إلى أن ما يتجاوز ثلث سطح الأرض يخصص للزراعة، وإلى أن التنوع البيولوجي نفسه يشمل أنواعًا من المحاصيل وسلالات الماشية وكذلك الكائنات الحية الدقيقة في التربة، فإن النظم الزراعية والغذائية تعتبر أجزاءً أساسية لنهج فعال وكفؤ لحماية التنوع البيولوجي العالمي. ويشير كمٌ هائل من الأدلة إلى أن ضمان الاستخدام المستدام غالبًا ما يعود بفائدة أكبر من الحماية الصارمة.

وهكذا، ففي حين يجب جعل إنتاج الأغذية الزراعية أكثر استدامة، يجب على الحفظ أن يكون مستدامًا أيضًا.

وقالت السيدة Semedo، "من المهم إدراك أنه بينما يمكن للنظم الزراعية والغذائية أن تقلّل من التنوع البيولوجي، فإنها تعتمد عليه في نهاية المطاف، لذلك هناك مجال كبير للمنافع المتبادلة والتكافلية".

وقال السيد Frederic Castell، كبير مسؤولي الموارد الطبيعية وقائد عمل المنظمة في مجال تعميم التنوع البيولوجي، "إنّ أي حلّ لوقف فقدان التنوع البيولوجي وعكسه سيتطلب إحداث تحول في النظم الزراعية والغذائية، ولن يتكلّل الإطار العالمي للتنوع البيولوجي بالنجاح من دون مشاركة قطاعي الأغذية والزراعة". وأضاف قائلًا إنّ النظم الزراعية والغذائية تكتسي أهمية محورية بالنسبة إلى حوالي نصف أهداف الإطار الجديد.

ويجسد الهدف 10 من الإطار روح هذه المسألة.

الوعود والتحديات

يتضمن إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي العديد من العناصر المحددة التي كانت تقود عمل المنظمة، وسيضيف مهام جديدة.

ويوفر إنشاء حساب الأمانة الخاص تحت مظلة مرفق البيئة العالمية ميزة تنفيذه السريع. وتتمتع المنظمة بسجل حافل من التعاون مع مرفق البيئة العالمية بقيمة تتجاوز 7.7 مليارات دولار أمريكي من الموارد بالنسبة إلى 230 مشروعًا في 124 بلدًا، وهي تؤدي دورًا مركزيًا في دعم وصول الأعضاء إلى الموارد وتوفير الخبرة لمتابعة أهدافهم وتعهداتهم.

ويركّز الهدف 7 من الإطار الجديد على الحد بشكل كبير من مخاطر التلوث على التنوع البيولوجي، بما في ذلك المخاطر الناجمة عن فائض المغذيات من الأسمدة والمواد الكيميائية الناشئة عن مبيدات الآفات. وسيتطلب تحقيق ذلك توسعًا منسقًا في الإدارة المتكاملة للآفات الخاصة بالمحاصيل، فضلًا عن السعي إلى القضاء على التلوث بالمواد البلاستيكية. وتُعدّ المنظمة مركزًا للمعرفة في مجال الإدارة المتكاملة للآفات، وقد قامت بنشر مجموعات بيانات جديدة للمساعدة في قياس ديناميات مغذيات المحاصيل، وقيّمت مخاطر سلامة الأغذية الناتجة عن الجزيئات البلاستيكية، وأجرت دراسات متعمقة حول الجزيئات البلاستيكية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وتم تكليفها في وقت سابق من هذا العام من قبل أعضائها بمهمة إعداد مدونة قواعد سلوك لاستخدام المواد البلاستيكية في الزراعة.

ويدعو الهدف 18 إلى إنهاء حوافز وإعانات سنوية ضارة بالتنوع البيولوجي بقيمة 500 مليار دولار أمريكي أو إلغائها بصورة تدريجية أو إصلاحها بحلول عام 2030 وزيادة الحوافز الإيجابية. ويتماشى هذا التعهد إلى حد كبير مع تقرير مرجعي لعام 2021 صدر عن المنظمة ووكالات الأمم المتحدة الشريكة.

وتشمل المجالات الأخرى التي تشغل فيها المنظمة موقعًا مناسبًا لدعم أعضائها في تنفيذ الإطار استعادة النظم الإيكولوجية، لا سيما كجهة مشاركة في قيادة عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية جنبًا إلى جنب مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومكافحة الأنواع الغازية والحصول على المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية وتقاسمها، بما في ذلك معلومات التسلسل الرقمي والمعارف التقليدية المرتبطة بها.

مصر الطقس