روما – من الضروري الحصول على معلومات مفصّلة وشاملة وفي الوقت المناسب من أجل معالجة تأثير الصدمات، على غرار الجفاف أو الزلازل أو النزاعات، على الإنتاج الزراعي وسبل العيش في المناطق المتضررة من الأزمات الغذائية حول العالم.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) قد أطلقت نظام معلومات البيانات في حالات الطوارئ (DIEM) خلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد-19 العالمية، فسهّل منذ إطلاقه تقييم انعدام الأمن الغذائي الحاد لدى الأسر المعيشية الزراعية وتحليل مسبباته، بالنسبة إلى صانعي القرار عند حدوث تلك الصدمات.
ويتسم نظام المعلومات بأنه قائم على البيانات الأولية المجمّعة بصورة منتظمة، إلى جانب البيانات الجغرافية المكانية، وهو أداة رائدة من حيث حجمه وتعقيده وجودته وسرعته. وهذه أول مرة يتم فيها جمع بيانات تركز على سبل العيش الزراعية في سياق الأزمات الغذائية، على هذا النطاق والوتيرة.
ويجري حاليًا تطبيق نظام المعلومات في أكثر من 25 بلدًا يعاني من أزمة غذائية ويقوم نظام الرصد في نظام المعلومات بإجراء دراسات استقصائية تشمل نحو 000 150 أسرة معيشية في السنة، أي ما يمثّل ما يزيد عن 650 مليون شخص.
وقال السيد Rein Paulson، مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود في المنظمة: "يأتي نظام المعلومات ليسد فجوة كبيرة في فهمنا لأثر الصدمات على سبل العيش الزراعية. ويعود ذلك بقيمة عظيمة ليس على المنظمة فحسب، بل على جميع شركائنا، ما يمكّننا جميعًا من اتخاذ قرارات أفضل، بما في ذلك التمكن من اتخاذ إجراءات ملموسة على صعيدي الاستباق والاستجابة".
وفي أفغانستان، على سبيل المثال، جرى استخدام بيانات نظام المعلومات من أجل صياغة أكثر من 20 اقتراح مشروع، الأمر الذي مكّن من جمع ما يزيد على 400 مليون دولار أمريكي في عام 2022 وحده، ولم تعد المنظمة تصيغ أي اقتراح مشروع لأفغانستان من دون إدراج إشارة مرجعية إلى بيانات نظام المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، باتت بلدان مثل بنغلاديش ومالي وموزامبيق وسيراليون تدرج الآن إشارات مرجعية إلى بيانات نظام المعلومات في اقتراحات مشاريعها، ما يساعدها في الحصول على تمويل للمشاريع المنفذة في الميدان.
ومن الأمثلة الأخرى الحديثة على مدى فائدته لشركاء المنظمة هو ما حدث خلال الزلزال الذي دمّر مناطق واسعة من تركيا والجمهورية العربية السورية في شهر فبراير/ شباط. إذ تمكّن فريق نظام المعلومات بعد بضعة أيام من الواقعة من إصدار تحليل أولي للأراضي الزراعية المعرضة لمستويات متفاوتة من شدة الزلازل وقام بعرض ذاك التحليل على شكل خريطة تفاعلية تضم تفاصيل على مستويي المقاطعة والمقاطعة الفرعية. ويتسم هذا النوع من المنتجات بكونه أساسي من أجل استهداف عمليات التقييم على أرض الواقع وتقديم المساعدات في حالات الطوارئ.
الاستفادة من نظام المعلومات
قامت منظمة الأغذية والزراعة بتطوير نظام المعلومات هذا الذي يموله مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى جانب مساهمات من الاتحاد الأوروبي والصندوق الخاص لحالات الطوارئ وأنشطة إعادة التأهيل التابع للمنظمة.
وتسعى المنصة إلى دعم أعضاء المنظمة ووكالات الأمم المتحدة ومجتمع المانحين وأصحاب المصلحة الآخرين لإرشاد القرارات المصممة لحفز الإجراءات الاستباقية والاستجابة المناسبة من أجل دعم سبل العيش الزراعية.
ويجري جمع البيانات عدة مرات سنويًا في أكثر البلدان معاناة من انعدام الأمن الغذائي في العالم – على مستوى الأسرة المعيشية من خلال المقابلات الهاتفية بمساعدة أجهزة الكمبيوتر والدراسات الاستقصائية المنفذة وجهًا لوجه – ومن ثم نشرها على الموقع الإلكتروني المركزي على جناح السرعة. وتكتمل معالجة البيانات وتحليلها في غضون ثلاثة أيام فقط، بينما تستغرق دورة الحياة بأكملها – انطلاقًا من جمع البيانات وصولاً إلى التحقق من صحتها ونشرها – 30 يومًا فقط.
ويتسم المشروع بشفافيته وبكون البيانات فيه مفتوحة. إذ يمكن لأي شخص إنشاء حساب على الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات والاطلاع على الدراسات الاستقصائية والتنقل بين لوحات المعلومات وتصدير الخرائط وتنزيل البيانات. ويضمن ذلك أن تكون أنشطة نظام المعلومات بمثابة سلع عامة وأن يستفيد مجتمع العمل الإنساني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام وجميع أصحاب المصلحة من الكم الهائل من البيانات المتاحة للجميع.
وتشمل الصدمات التي قام نظام المعلومات بتحليلها على المخاطر الطبيعية وتلك التي يتسبب بها الإنسان على حد سواء. وهي تشمل الأخطار المتعلقة بالمناخ والزلازل وثوران البراكين والآفات الغازية والصراعات والعنف، فضلاً عن الصدمات الاقتصادية.
وبالإضافة إلى المراقبة المنتظمة لأزمة الغذاء، توفر منصة نظام المعلومات أيضًا صورة متكاملة لتأثير المخاطر الواسعة النطاق (الصدمات الشديدة) على سبل المعيشة وتقديرًا لقيمة الأضرار والخسائر التي لحقت بقطاع الزراعة بالدولار الأمريكي. ويتحقق ذلك من خلال الجمع بين الاستشعار عن بُعد واستعراض البيانات الثانوية والدراسات الاستقصائية على الأسر المعيشية، ومقابلات مع الخبراء الأساسيين ومناقشات مجموعات التركيز والدراسات الاستقصائية عن حشد المصادر الخارجية.
ولعلّ أحد الأمثلة الهامة في هذا المجال هو باكستان، حيث سهّلت خبرة نظام المعلومات حساب الأضرار والخسائر الناجمة عن الكوارث بما شمل القطاع الزراعي بأكمله في أعقاب الفيضانات المدمرة التي شهدتها البلاد في يونيو/حزيران – سبتمبر/أيلول 2022. وعُرضت النتائج من ثمّ على خريطة تفاعلية على الموقع المركزي لنظام المعلومات الذي يحلل بشكل عام الأضرار والخسائر اللاحقة بالقطاعات الفرعية (المحاصيل والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك) في كلّ من المقاطعات المتضررة.
وجرى تصميم بيانات نظام المعلومات أيضًا بغية إدخالها في عملية التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي وجهود إعداد برامج الاستجابة الإنسانية الأخرى حيث كانت، على سبيل المثال، مصدرًا للتدابير المستندة إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التي جرى اتخاذها في إطار انعدام الأمن الغذائي الأخير. وسيثبت ذلك بمرور الوقت أنه ضروري لتحسين نطاق تغطية عمليات تقييم انعدام الأمن الغذائي الحاد في التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في البلدان التي يطبق فيها نظام المعلومات، ودرجة موثوقيتها.