اخبارنا

slider

الصدمات المتعدّدة تستمر في دفع العالم بعيدًا عن مسار تحقيق المقاصد الإنمائية

روما - إذ نبلغ منتصف المسار نحو تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، مُني جزء كبير من التقدم المحرز في تحقيق مقاصد الخطة المتعلقة بالأغذية والزراعة بالجمود أو بالتراجع، الأمر الذي فاقم التحديات التي تعترض استئصال الفقر والجوع وتحسين الصحة والتغذية، ومكافحة تغير المناخ، بحسب تقرير جديد صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة).

وقد نُشر اليوم التقرير بعنوان تعقّب التقدّم المحرز في مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأغذية والزراعة في عام 2023، قبل أيام معدودة من اجتماع قادة العالم في نيويورك لحضور مؤتمر القمة بشأن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بغية استعراض حالة أهداف التنمية المستدامة الـ17 التابعة للخطة.

وقال السيد José Rosero Moncayo، مدير شعبة الإحصاءات في المنظمة، خلال مراسم إطلاق التقرير: "ستتخلّل مؤتمر القمة بشأن أهداف التنمية المستدامة، توقعات كبيرة بشأن الالتزامات الواقعية التي يجب التعهد بها لعكس مسار المأزق الحالي الذي تعانيه أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال إجراءات ونتائج ملموسة. وللقيام بذلك، يحتاج القادة حول العالم إلى بيانات كفيلة بإرشاد قراراتهم ومساعدتهم على تحديد الأولويات."

وتفيد الاستنتاجات الرئيسية للتقرير أنه في حين أن العالم كان بعيدًا أصلًا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة حتى قبل عام 2020، شهدت السنوات القليلة الماضية صدمات متعدّدة أفضت إلى مزيد من الجمود أو حتى إلى عكس مسار التقدم في تنفيذ العديد من المقاصد. وتشمل تلك الصدمات ذيول تداعيات جائحة كوفيد-19، وتأثير النزاعات المسلحة حول العالم، وارتفاع التضخم، إلى جانب الآثار المتصاعدة لأزمة المناخ.

أمّا مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأغذية والزراعة، والتي تعتبر المنظمة من وكالات الأمم المتحدة الراعية الرئيسية لها، ففي حالة حرجة بشكل خاص. وقد بلغت نسبة سكان العالم الذين يواجهون الجوع المزمن في عام 2022 حوالي 9.2 في المائة، مقارنة بنسبة 7.9 في المائة خلال عام 2015 (تشير أحدث تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن أعداد الجياع في العالم تتراوح بين 691 مليون و783 مليون شخص في عام 2022). ويراوح الاستثمار في الزراعة مكانه، ولم يُحرز أي تقدم في صون الموارد الوراثية الحيوانية، ولا تزال مساحة الغابات تواصل تقلّصها عالميًا.

أما الاتجاهات الإيجابية القليلة فقد سُجّلت في مجال صون الموارد الوراثية النباتية، وكفاءة استخدام المياه، واعتماد الصكوك لمكافحة صيد الأسماك غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.

نظرة مفصّلة إلى المقاصد

يركّز التقرير على مؤشرات مختارة تشمل ثمانية من أهداف التنمية المستدامة التي تم اعتمادها في قمةٍ للأمم المتحدة في نيويورك عقدت في عام 2015 (وهي الأهداف 1 و2 و5 و6 و10 و12 و14 و15). وترد في ما يلي بعض المعلومات البارزة في هذا الصدد:

  • لا يزال معدّل انتشار النقص التغذوي في العالم أعلى بكثير مما كان عليه قبل تفشي جائحة كوفيد-19. وبالمثل، فقد ازداد انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير من 25.3 في المائة من سكان العالم في عام 2019 إلى 29.6 في المائة في عام 2022.
  • أمّا مؤشرات أهداف التنمية المستدامة التي تركز على سوء التغذية فتقدّم مشهدًا متباينًا. فعلى الرغم من تراجع نسبة الإصابة بالتقزم من 26.3 في المائة خلال عام 2012 إلى 22.3 في المائة خلال عام 2022، لا تزال وتيرة الانخفاض أبعد من أن تبلغ الهدف العالمي. وفي عام 2022، تأثر 6.8 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة بالهزال، في حين أن معدل الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن، والذي بلغ 5.6 في المائة، قد بقي على حاله في العقد الماضي.
  • وفي عام 2021، بلغت حصة البلدان التي تواجه ارتفاعًا يتراوح بين المعتدل وغير الاعتيادي في أسعار المواد الغذائية نسبة 21.5 في المائة، أي بانخفاض نسبته 48 في المائة عن الارتفاع القياسي المسجل في عام 2020. ومع ذلك، لا يزال هذا الرقم أعلى من متوسط الفترة 2015-2019 (15.2 في المائة)، ما يشير إلى زيادات مستمرة في أسعار المواد الغذائية، مدعومة بشكل أساسي بارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل الناجمة عن الكلفة العالية للأسمدة والطاقة.
  • وقد بلغ الفاقد الزراعي الذي يُعزى مباشرةً إلى الكوارث الطبيعية التي تتزايد تواترًا وحدّةً، 19.3 مليارات دولار أمريكي في عام 2021، استنادًا إلى بيانات صادرة عن 22 بلدًا. وقُدّرت نسبة الأغذية التي تُفقد بعد الحصاد في المزارع وفي مراحل النقل والتخزين والبيع بالجملة والتجهيز، بنحو 13.2 في المائة على الصعيد العالمي في عام 2021، مقارنة بـنسبة 13 في المائة في عام 2016.
  • وفي ثلث البلدان التي شملها التقييم، يتمتع أقل من 50 في المائة من النساء والرجال المشاركين في الإنتاج الزراعي بحقوق مضمونة لملكية و/أو حيازة الأراضي الزراعية. ومن بين مالكي الأراضي، تبلغ حصة الرجال المالكين ضعف نسبة نظرائهم النساء في نصف البلدان تقريبًا.
  • ولا يزال العالم بعيدًا عن الحفاظ على التنوع الوراثي للموارد الوراثية النباتية والحيوانية للأغذية والزراعة، سواء أكان ذلك في الموقع الطبيعي أو في بنوك الجينات. وبالمثل، وعلى الرغم من مساهمة الأرصدة السمكية العالمية في الأمن الغذائي والتغذية على الصعيد العالمي، فإن تلك الأرصدة آخذة في الانخفاض إذ يتهددها الصيد الجائر والتلوث وسوء الإدارة وعوامل أخرى، بما فيها الصيد غير القانوني.
  • وفي حين أن مساحة الغابات في العالم مستمرة في الانحسار، حيث تراجعت من 31.9 في المائة في عام 2000 إلى 31.2 في المائة في عام 2020، تباطأ معدل تراجعها مقارنة بالعقود السابقة. ومع ذلك، لا يزال تدهور الأراضي يشكل مصدر قلق كبير، حيث فقد العالم ما لا يقل عن 100 مليون هكتار من الأراضي السليمة والمُنتجة سنويّا بين عامي 2015 و2019.

الاستنتاجات

في الختام، لا تزال الرؤية المتمثلة في تحقيق عالم خال من الجوع وسوء التغذية ينعم بالزراعة المستدامة، ممكنة التحقيق كما أن المسافة التي تفصلنا عن تحقيقها ليست بمتعذرةٍ. ومع ذلك، بغية تحقيق مقاصد أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأغذية والزراعة، لا بدّ من اتخاذ إجراءات منسقة على وجه السرعة وحلولٍ في مجال السياسات، لمعالجة أوجه عدم المساواة المتأصلة، وتحويل النظم الزراعية والغذائية، والاستثمار في الممارسات الزراعية المستدامة، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات. ويؤدي تحسين القدرات في مجال البيانات دورًا رئيسيًا في ضمان التقدم. وعلى الرغم من الجهود المكثفة المبذولة لبناء نظم أقوى للبيانات والإحصاءات بغية رصد أهداف التنمية المستدامة، لا تزال هناك فجوات كبيرة في البيانات. ويتوجب تسريع عجلة الاستثمار في مجال توليد البيانات، ولا سيما لدى أقل البلدان نموًا، لكي يتسنى إرشاد التغيير التحويلي.

ومع ذلك، يشكل التقرير الصادر اليوم أداةً مفيدة لإثراء المناقشات في قمة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة في نيويورك، توفر للبلدان فرصة فريدة من نوعها لإعادة الالتزام باتخاذ جميع التدابير اللازمة للعودة إلى المسار الصحيح نحو تحقيق المقاصد بحلول عام 2030.

مصر الطقس