اخبارنا

slider

الاقتصاد الأحيائي يُحفّز تحويل النظم الزراعية والغذائية لمزيد من الاستدامة

روما - يُمكن للاقتصاد الأحيائي أن يكون عاملًا محفّزًا في التصدّي لأزمة المناخ الراهنة وفي تحقيق استدامة الإنتاج الزراعي والغذائي على الصعيد العالمي من خلال إدارة مواردنا الطبيعية على نحو أكثر كفاءة وبقدر أكبر من المسؤولية.

كان هذا هو موضوع الحدث الرفيع المستوى الذي عُقد يوم الخميس بعنوان الاقتصاد الأحيائي: المحفّز لتحويل النظم الزراعية والغذائية، وهو واحد من ثمانية اجتماعات تركّز على الاقتصاد الأحيائي في فعاليات هذا العام من منتدى العلوم والابتكار، وهو حدث سنوي تعقده منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، في إطار إحدى أبرز الفعاليات التي تنظّمها وهو منتدى الأغذية العالمي.

وافتتح الحدث السيد شو دونيو، المدير العام للمنظمة، ويسّر النقاش فيه السيد Joachim von Braun، وهو عالم زراعي من ألمانيا ورئيس الأكاديمية البابوية للعلوم، وضمّ محاورين رفيعي المستوى وبعضًا من أكبر الخبراء في هذا المجال من جميع أرجاء العالم.

واستعرضت معالي السيدة Pippa Hackett، وزيرة الدولة في وزارة الزراعة والأغذية والشؤون البحرية في أيرلندا، الجهود التي تبذلها بلادها في هذا المجال. ودعت إلى عالم يعمل في تناغم مع الطبيعية، وأكّدت على فوائد هذا النهج الذي يتضمن التنويع الاقتصادي واستحداث فرص عمل خضراء.

وتحدّثت السيدة Carina Pimenta، الأمينة الوطنية للاقتصاد الأحيائي في وزارة البيئة وتغيّر المناخ في البرازيل، عن تجربة البرازيل. فقالت إن بلادها تضع حاليًّا إطارًا لإعادة توجيه الاستثمارات نحو الاقتصاد الأحيائي وأنها جعلت من صون التنوع البيولوجي أولوية وترى في التحوّل نحو الاقتصاد الأحيائي فرصة اقتصادية واجتماعية.

وقدّمت السيدة Christine Lang، وهي رائدة أعمال من ألمانيا في مجال التكنولوجيا الأحيائية واستشارية في الاقتصاد، وجهة نظر فنية حول هذا الموضوع موضحة كيف يمتدّ مفهوم الاقتصاد الأحيائي إلى ما هو أبعد من الإنتاج الزراعي ليشمل أيضًا مواد البناء والمستحضرات الصيدلانية وحتّى اللقاحات.

وشارك في الحوار أيضًا السيد Gregory Jaffe، كبير المستشارين للشؤون التنظيمية في مكتب وزير الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

مستقبل واعد

يشمل مصطلح الاقتصاد الأحيائي، كما عرّفه مؤتمر القمة العالمية بشأن الاقتصاد الأحيائي لعام 2020 "إنتاج الموارد البيولوجية واستخدامها وصونها وتجديدها، بما في ذلك ما يتصل بها من معارف وعلوم وتكنولوجيا وابتكار، لتوفير حلول مستدامة (المعلومات والمنتجات والعمليات والخدمات) داخل القطاعات الاقتصادية كافة وفي ما بينها، ويتيح التحوّل إلى اقتصاد مستدام".

ومن الأمثلة على ذلك المبيدات البيولوجية والأسمدة البيولوجية (كالسماد العضوي)، والمواد البلاستيكية البيولوجية وإعادة استخدام الكتلة الأحيائية (كاستخدام مخلفات المحاصيل لصنع كريات وقوالب الخشب أو استخدام مخلفات الأسماك في المستحضرات الصيدلانية)، والطاقة الأحيائية المستدامة.

وتعتبر المنظمة الاقتصاد الأحيائي اقتصادًا يوفّر الأغذية المأمونة والمغذية لسكان العالم الذين يتزايد عددهم، ويقدّم فرصًا للتنمية المستدامة وفرص عمل جديدة ويحدّ في الوقت نفسه من الضرر البيئي والهدر.

وتتجاوز قدراته بأشواط مسألة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري واستعادة التنوع البيولوجي. فهو يتيح فرصًا جديدة في مجال التنمية الخضراء وفرص عمل في قطاع الزراعة والقطاعات الأخرى، مما يعزّز الأمن الغذائي والتغذية، وسبل العيش الريفية، وحياة الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، والابتكار على جميع مستويات المجتمع.

وتشير إحدى التوقعات إلى أنّ الاقتصاد الأحيائي الدائري الذي يستخدم الموارد بكفاءة يمكن أن تصل قيمته إلى 7.7 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2030. ولقد وضع حوالي 60 بلدًا وإقليمًا بالفعل استراتيجيات للاقتصاد الأحيائي أو استراتيجيات تتعلّق بالاقتصاد الأحيائي، فيما تعمل 10 بلدان وأقاليم أخرى حاليًّا على إعداد استراتيجياتها في هذا المجال.

ومع ذلك، فقد تكون هناك مقايضات. فزراعة المحاصيل لإنتاج الطاقة الأحيائية بدلًا من استخدامها لتغذية الإنسان والحيوان، على سبيل المثال، قد تؤثّر سلبًا على سبل المعيشة المحلية أو الأمن الغذائي للإنسان أو أمن أعلاف الثروة الحيوانية.

وبالمثل، ليس كلّ ما يروّج على أنه اقتصاد أحيائي هو اقتصاد مستدام.

ومن هذا المنطلق، تدعو المنظمة إلى إدماج الاقتصاد الأحيائي في الإطار العالمي بشأن التنمية المستدامة، والأمن الغذائي والتغذية، والمناخ، والتنوع البيولوجي، والبيئة؛ ووضع المزيد من المقاييس العالمية بشأن استدامة الاقتصاد الأحيائي للتوسّع في الاستثمارات العامة والخاصة وتسريع التجارة في المنتجات الأحيائية، وإنشاء تحالف عالمي وشامل للاقتصاد الأحيائي.

وشدّد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة في ملاحظاته الافتتاحية على أهمية تشجيع وجود اقتصاد أحيائي يتسم بالشمول ومكيّف مع السياقات المحلية.

وقال السيد شو دونيو "نحن بحاجة إلى المزيد من الإجراءات الملموسة" بالدرجة الأولى. وأضاف قائلًا: "نحن بحاجة إلى حلول يمكن تنفيذها على أرض الواقع".

الدور القيادي لمنظمة الأغذية والزراعة

تعدّ منظمة الأغذية والزراعة أول وكالة تابعة للأمم المتحدة تخصص مجالاً من مجالات الأولوية البرامجية للاقتصاد الأحيائي  وقد حظي بتأييد البلدان الأعضاء قبل سنتين، وتتصدّر الجهود العالمية لتشجيع الابتكارات في مجال الاقتصاد الأحيائي وجعل نظمنا الزراعية والغذائية أكثر كفاءة وإنصافًا وقدرة على الصمود واستدامة. ومنذ ذلك الحين، اكتسب هذا الموضوع زخمًا في المحافل الدولية، مثل الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في شرم الشيخ، والاجتماع الذي عقدته مؤخرًا مجموعة العشرين في الهند، وقمة الأمازون التي عُقدت في أغسطس/آب في بيليم، البرازيل.

وتشارك المنظمة حتى الآن في حوالي 150 مشروعًا متصلًا بالاقتصاد الأحيائي بقيمة تفوق 330 مليون دولار أمريكي وتمثّل نحو 15 في المائة من كامل حافظة مشاريعها.

ففي باكستان، على سبيل المثال، تعمل المنظمة حاليًّا على تصميم مشروع سيساعد المزارعين على تحويل مخلفات إنتاج الموز إلى منسوجات. وفي كوت ديفوار، تعمل على إنشاء مدرسة زراعية لإنتاج وتربية يرقات ذبابة الجندي الأسود التي تُجفّف وتُطحن لإنتاج دقيق غني بالبروتينات يُستخدم كعلف للحيوانات. وفي اليمن، يقوم موظفون مختصون في المنظمة بتعليم المزارعين كيفية تحضير مبيدات حشرات طبيعية باستخدام شجرة المريمرة والثوم والفلفل الحار.

مصر الطقس