دي موين/روما - قال السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، في الكلمة التي ألقاها بمناسبة حفل افتتاح حوار بورلوغ (Borlaug) الدولي لجائزة الأغذية العالمية لعام 2023 الذي عُقد يوم الثلاثاء في ولاية آيوا، "إن تسخير التغيير هو دعوة إلى الانتقال من العمل إلى التطوّر، ويقع على عاتق الشباب دور أساسي بصفتهم أهم عوامل التغيير".
والجدير بالذكر أن هذه الجائزة السنوية هي تكريم لذكرى الدكتور Norman Borlaug (نورمان بورلوغ)، الذي يعدّ أحد آباء الثورة الخضراء التي انتشلت مئات الملايين من الأشخاص من براثن الجوع بفضل عمله بشأن أصناف القمح العالية الغلات. وهذا العام، كانت الجائزة من نصيب السيدة Heidi Kühn.
وأشار المدير العام إلى أن عملها، الذي يركّز على تنشيط الأراضي الزراعية وسبل العيش في أعقاب النزاعات المدمّرة، يُظهر الدور الحيوي الذي تؤديه الزراعة في الاستجابة الإنسانية.
وقال السيد شو "إنّ المبادئ التي ارتكزت إليها أعمال الدكتور Borlaug البارزة في مجالي الأغذية والزراعة هي نفس المبادئ التي اهتدى بها قادة العالم لتأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة قبل 80 عامًا". وذكر السيد شو أنه، حاله حال الدكتور Borlaug، ابن مزارع وقضى مسيرته المهنية مدفوعًا بإدراكه أن الزراعة قادرة على إنقاذ العالم بتوفير الأغذية للناس وانتشالهم من الفقر.
وقال المدير العام، خلال الحدث الذي أُقيم في مدينة دي موين (Des Moines)، "نحن هنا لنؤكّد مرة أخرى التزامنا بالعمل معًا لتقديم الحلول في مجالي الأغذية والزراعة على النطاق المطلوب للارتقاء بجودة الأغذية وكميتها وتوافرها والقدرة على تحمّل تكلفتها وإمكانية الحصول عليها للجميع".
وأضاف أن المنظمة اليوم في موقع جيّد يؤهلها "لخدمة أعضائها، وخدمة مزارعي العالم في المقام الأول"، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الأخيرة جعلت المنظمة أكثر سرعة في الاستجابة وأكثر كفاءة وأكثر ملاءمة للغرض المنشود منها، إذ أضحت توفر الخبرة المهنية والعلمية للجميع.
وأضاف قائلًا "لقد قادنا تفكير جديد في المنظمة إلى مسار مختلف. وسنواصل الاستفادة من خبراتنا الجماعية لمساعدة السكان الضعفاء ونقف صفًّا واحدًا لإحراز تقدم حقيقي. وينصبُّ تركيزنا على القضاء التام على الجوع، وضمان توفير دعم جيّد لمزارعي العالم، وجعل المناطق الريفية أكثر جاذبية للأجيال الشابة".
أفضليات أربع، إجراءات رئيسية خمسة
شدّد المدير العام على الكيفية التي تدعم بها تطلّعات الأفضليات الأربع- أي إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل للجميع، من دون ترك أي أحد خلف الركب- الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031. وأوضح قائلًا "إنَّ اتخاذ إجراءات جماعية ضروري لتحقيق الأهداف الفورية والطويلة الأجل على حدٍّ سواءٍ".
وذكر خمسة إجراءات رئيسية يجب اتخاذها لتحقيق الأهداف العالمية. أوّلها، يجب على جميع البلدان أن تلتزم بحسن أداء الأسواق وشفافيتها. وثانيًا، تحتاج البلدان الضعيفة إلى الدعم من أجل تلبية احتياجاتها من الأغذية والأسمدة. وثالثًا، يجب تسريع وتيرة جهود تحويل النظم الزراعية والغذائية من خلال تنفيذ الاستثمارات المناسبة بصورة عاجلة وتعزيز توفير السلع العامة من قبيل خرائط التربة وخدمات الإرشاد والخدمات الاستشارية، بالإضافة إلى الابتكار والبحوث وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية. ورابعًا، يجب إشراك القطاع الخاص، الذي لا يزال غير مشترِك وغير مستفاد منه بما فيه الكفاية. وخامسًا، من الأهمية بمكان سدّ الثغرات المعرفية من خلال العلوم والابتكار للقضاء على الجوع.
وقال إنّ المنظمة دعّمت أنشطتها من خلال تعزيز مركز الاستثمار الخاص بها، وتكثيف عملها في مجال الطوارئ بولاية جديدة تتضمن بناء القدرة على الصمود، وتوطيد شراكتها الاستراتيجية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتعزيز عملها في مجالات تغيّر المناخ والتنوع البيولوجي والبيئة.
وأطلقت المنظمة أيضًا مبادرات رئيسية جديدة مثل مبادرة العمل يدًا بيد والمنصة الجغرافيّة المكانيّة التابعة لها، ومبادرة 000 1 قرية رقمية، ومبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، ومبادرة المدن الخضراء. وسلّط السيد شو دونيو الضوء أيضًا على كيف أن تركيزه لا يزال ينصبّ على دعم النساء والشباب، وعلى أنه، بعدما أنشأ لجنة شؤون الشباب ولجنة شؤون المرأة في المنظمة عندما تولى مهام منصبه في عام 2019، بات يعمل الآن على إنشاء مكتب جديد لشؤون الشباب والمرأة تعزيزًا لمواصلة دعم العمل المنجز في هذا المجال.
إنجاز المهام
أشار المدير العام إلى أنَّ المنظمة تمكنت في عام 2022 من حشد 2.1 مليار دولار من المساهمات الطوعية، وهو مبلغ غير مسبوق في تاريخ المنظمة، وهو يزيد بنسبة تفوق 60 في المائة عن المعدل المعتاد، مما يعكس مستوى الثقة والائتمان الذي وضعه الأعضاء في المنظمة في حلّتها الجديدة وفي قدرتها على إنجاز أكثر من ذي قبل.
وقال "لقد باتت المنظمة مؤهلة لترجمة أقوالها إلى أفعال". وأثنى على جميع الذين يعملون من أجل إحراز تقدم للحد من أوجه عدم المساواة، والسعي إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين، وإتاحة فرص للشباب في القطاع الزراعي.
وخصَّ بالذكر مبادرة "الرؤية الخاصة بالمحاصيل والتربة المتكيفة (VACS)" التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية لدعم حكومات أفريقيا والمزارعين والباحثين ومنظمات المجتمع المدني فيها، وهم يقومون بتحضير النظم الزراعية والغذائية في القارة لمواجهة التحديات التي تطرحها أزمة المناخ.
وقال السيد شو "هذا هو العِلم الذي يتجلَّى في العمل، وهذا هو العمل الذي تدعمه المنظمة".
وأضاف قائلًا "نحن في المنظمة نضع استراتيجيات ذات رؤى مستقبلية، ولكننا بحاجة إلى مزيد من الموارد، لا سيّما من خلال المساهمات الطوعية". واسترسل قائلًا "إن تعبئة الموارد لم تعد مجرد عقد صفقات بالنسبة إلى المنظمة"، وأضاف أن المنظمة تسعى إلى إقامة شراكات دائمة والاستفادة من الشراكات الاستراتيجية وإلى "تسريع وتيرة جهود إقامة شراكات تحويلية مع القطاعين الخاص والعام".