سنتياغو/روما - تمثل المزارع الأسرية 90 في المائة من مجمل الحيازات الزراعية في العالم، فتغطي مجموعةً واسعة من نظم الإنتاج والشعوب، أمّا ازدهارها فيشكل السبيل إلى تحقيق الهدف 1 من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الفقر)، والهدف 2 (القضاء على الجوع)، والهدف 10 (الحد من انعدام المساواة).
ولهذا السبب، تعمل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) على إطلاق منصة فنية للزراعة الأسرية ترمي إلى تعزيز تبادل الابتكارات والمعلومات عبر الأقاليم.
وقال المدير العام للمنظمة، السيد شو دونيو في خطابه الرئيسي الذي ألقاه عبر الفيديو في حفل إطلاق المنصة في سنتياغو، شيلي: "حين يتم تقاسم الموارد والمعارف، فإنما نسرّع عجلة الابتكار". وأضاف قائلاً إنّ المنصة "ستمكننا من توسيع آفاقنا، وستيسّر كذلك الإجراءات الملموسة".
وقال السيد شو دونيو إنّ هناك أكثر من 500 مليون مزرعة أسرية في العالم. وفضلًا عن قيامها بإنتاج 80 في المائة من الغذاء في العالم، فإن مزارع كثيرة تستطيع أن تؤدي، لا بل تؤدي فعلاً، أدوارًا أساسية في صون التنوع البيولوجي، كما أنها تمثّل الخطوة الأولى للتحول الريفي.
وأضاف المدير العام قائلًا: "إنّ تعدد مصادر الدخل واستراتيجيات كسب المعيشة التي تولدها الزراعة الأسرية تؤدي دورًا بالغ الأهمية في مختلف النظم الزراعية والغذائية".
وتعمل المنظمة حاليًا على إطلاق خمس منصات فنية، كل منها عالمي النطاق، في حين يتولى تنسيقها أحد المكاتب الإقليمية للمنظمة، من أجل التعجيل باعتماد الابتكارات من خلال تبادل الخبرات والمعارف.
وسوف يتولى المكتب الإقليمي لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي للمنظمة تنسيق المنصة الفنية الإقليمية للزراعة الأسرية، بالتماشي مع الخبرة التي تراكمت لدى الإقليم في مجالات السياسة العامة وصكوك السياسات والأطر القانونية والبرامج الوطنية ورأس المال المؤسسي.
المنصة
تتيح هذه المنصة، التي تقدمها المنظمة كسلعة عامة عالمية جديدة، للحكومات ومنظمات المزارعين والمجتمع العلمي وصانعي السياسات والقطاع الخاص وجميع المهتمين بالتنمية الريفية، مجموعةً من الأدوات المبتكرة لتبادل الخبرات والمعارف المتخصصة.
ومن خلال تعبئة المعارف والخبرات القائمة، وأفضل الممارسات من حول العالم، وتعزيز الحوار والتعلم والتعاون ضمن طائفة متنوعة من الشركاء من داخل المنظمة وخارجها، تهدف المنصة إلى تشجيع الابتكارات الفنية والمؤسسية التي تدعم المزارعين الأسريين حول العالم.
وهي تعمل كمرفق رقمي للترويج للمنتجات المعرفية للمنظمة ولخبراتها في المجال الفني ومجال السياسات ودرايتها التشغيلية، وكذلك بوصفها "مكانًا رقميًا للالتقاء" إذ توفّر حيزًا وأدوات رقمية تسمح للشركاء والمشاركين بتنفيذ مبادرات ملموسة كالندوات عبر الإنترنت، والدورات التدريبية، والحوار بشأن السياسات، وجولات التعلم الافتراضية.
وقال المدير العام إنّ تعزيز الابتكارات ودعمها، وتطوير الزراعة الأسرية من الشروط الأساسية لتنفيذ الإطار الاستراتيجي للمنظمة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 1 و2 و10.
وقد سبق لعدة بلدان في أفريقيا وأوروبا وآسيا أن طلبت الدعم من المنظمة من أجل صياغة خططها الوطنية الخاصة بشأن الزراعة الأسرية، في حين أطلق إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا خطة عمل إقليمية بشأن الزراعة الأسرية. وأضاف أنه ينبغي لتلك المبادرات أن تعزز مجموعة المعارف والابتكارات المتبادلة التي تضمها المنصة، وأن تساعد على تحسين دعم "هذا القطاع وإعداده للاستفادة من الفرص الجديدة الناجمة عن تحويل النظم الزراعية والغذائية وتطويعها".
كما تساهم المنصة في عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية (2019-2028)، الذي تشترك في قيادته المنظمة مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
المزارع الأسرية
قامت المنظمة بتجميع كمية كبيرة من المعارف بشأن الزراعة الأسرية، وهي فئة تشمل العمال الزراعيين، والسكان الأصليين، وصيادي الأسماك، ومزارعي الجبال، والرعاة الرحل، وكثيرين غيرهم في جميع أقاليم العالم.
وتشمل المزارع الأسرية مجموعةً واسعة من نظم الإنتاج والنطاقات. وقد توصلت الأبحاث التي قادتها المنظمة مؤخرًا إلى أن أكثر من 90 في المائة من المزارع الـ 608 ملايين في العالم هي مزارع أسرية، تحتل 70 إلى 80 في المائة من الأراضي الزراعية وتنتج 80 في المائة من الغذاء في العالم من حيث القيمة. وإنّ مصطلح المزارع الأسرية ليس مرادفًا للمزارع الصغيرة - التي تغطي مساحتها أقل من 2 هكتار - والتي تشغّل حوالي 12 في المائة من مجمل الأراضي الزراعية وتنتج ما يقرب من 36 في المائة من الغذاء على مستوى العالم.
كما سيتم تنسيق المنصة مع مشاريع المنظمة وبرامجها لدعم صغار المنتجين التي تركز على "الوصول العادل إلى الموارد التي تعد أساسية للتنمية الزراعية والنمو، والأسواق العادلة"، على حد قول المدير العام للمنظمة.