نيويورك – قال اليوم السيد Maurizio Martina، نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، في مناقشة مفتوحة رفيعة المستوى عقدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة إنّ نطاق الجوع في جميع أنحاء السودان "مقلق للغاية" ويتطلّب "وقفًا فوريًا للأعمال العدائية" كخطوة أولى أساسية لإبعاد شبح المجاعة.
وبعد ما يقارب 11 شهرًا من الحرب الأهلية، يواجه ما يقارب 18 مليون شخص في السودان انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذا هو أعلى رقم يُسجّل على الإطلاق خلال إحدى مواسم الحصاد.
ويُظهِر أحدث تقرير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أن المناطق التي اشتدت فيها حدة النزاع، بما في ذلك غرب دارفور والخرطوم وجنوب كردفان، هي المناطق التي يواجه سكانها أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل أو ما فوقها).
ومن دون مساعدات إنسانية عاجلة وإمكانية الحصول على السلع الأساسية، فإن الأشخاص الذين يعانون من مستويات طارئة من الجوع الحاد أو المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل - والذين يبلغ عددهم حوالي 5 ملايين شخص - يمكن أن يقعوا في هاوية انعدام الأمن الغذائي الكارثي خلال الأشهر المقبلة.
وإضافة إلى ذلك، يواجه السودان أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح أكثر من 8 ملايين شخص منذ بدء النزاع في أبريل/نيسان 2023.
وقال السيد Martina في المناقشة الرفيعة المستوى إنه، نظرًا إلى فداحة الوضع، فإن "الحل السياسي السلمي والتفاوضي والوقف الفوري للأعمال العدائية من أجل تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة يُعدّ خطوة أولى أساسية نحو القضاء على خطر المجاعة".
الأثر على الزراعة
يعتمد اقتصاد السودان بشكل كبير على الزراعة، إذ يعمل حوالي 65 في المائة من سكانه في هذا القطاع. وبسبب استمرار النزاع، تم تقييد الإنتاج الزراعي وتضرّرت البنية التحتية الرئيسية وسُبل العيش، وتعطّلت التدفقات التجارية، وارتفعت الأسعار بشكل كبير. وإضافة إلى ذلك، تم تقييد وصول المساعدات الإنسانية، ممّا أدى إلى نزوح واسع النطاق. وامتد النزاع الآن أيضًا إلى ولاية الجزيرة، التي تنتج حوالي 50 في المائة من القمح و10 في المائة من الذرة الرفيعة، وهي المحاصيل الأساسية للبلاد.
وفي هذا السياق، أصدرت المنظمة يوم الثلاثاء تقريرها السنوي لتقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية في السودان، الذي تناول إنتاج الأغذية في عام 2023 وأجرى تقييمًا للإمدادات الغذائية في جميع أنحاء ولايات البلاد البالغ عددها 18 ولايةً.
وتشمل بعض النتائج الرئيسية ما يلي:
كان أداء موسم إنتاج الحبوب الرئيسي لعام 2023 سيئًا للغاية بسبب أثر النزاع، وكان أقل بنسبة 46 في المائة مقارنةً بمحصول العام السابق.
سُجّلت أكبر الانخفاضات في منطقتي كردفان الكبرى ودارفور الكبرى حيث يحتدم النزاع بشكل خاص. وفي هاتين المنطقتين، يُقدر أن إنتاج الحبوب قد انخفض بنسبة 80 في المائة عن المتوسط. ومن المثير للقلق أن انعدام الأمن على نطاق واسع في ولاية غرب دارفور حال دون وصول المزارعين إلى حقولهم، ممّا تسبب في فشل الموسم الزراعي بأكمله.
إن متطلّبات واردات الحبوب في عام 2024، التي من المتوقع أن تبلغ حوالي 3.38 مليون طن، تطرح مخاوف بشأن القدرات المالية واللوجستية للبلاد على تلبية هذه الاحتياجات على مستوى الاستيراد.
من المرجح أن يؤدّي ارتفاع تكاليف إنتاج الحبوب إلى زيادة تضخم الأسعار في السوق، التي وصلت بالفعل إلى مستويات مرتفعة بشكل استثنائي. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، ارتفعت أسعار الحبوب إلى ضعف مستوياتها المرتفعة بالفعل قبل عام.
توقعات قاتمة
حذّر السيد Martina من أنه، مع اقتراب موسم الزرع الرئيسي في البلاد، تبدو توقعات إنتاج الأغذية في عام 2024 "قاتمة".
وقال السيد Martina إن التجربة تبيّن أنه عندما يتمكّن المزارعون من الوصول إلى الأراضي والمدخلات، فإنهم سينتجون الأغذية. وحتى أثناء القتال الدائر العام الماضي، تمكّنت المنظمة من توزيع ما يكفي من مجموعات البذور لتمكين مليون (1) مزارع من إنتاج ما يكفي من الأغذية لإطعام أكثر من 13 مليون شخص لمدة عام كامل.
ولهذا السبب، فإن المساعدات الزراعية الحسنة التوقيت والمنقذة للحياة تكتسي أهمية بالغة في معالجة أزمة الجوع. وقال نائب المدير العام إنّ المنظمة تحثّ الجهات المانحة على تمويل الأنشطة الزراعية العاجلة والحاسمة من حيث توقيتها لتجنّب تردي حالة الأمن الغذائي خلال الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة.