جورجتاون، غيانا- تحدّث السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (المنظمة)، في عدد من الأحداث الرفيعة المستوى التي انعقدت على هامش الجلسة الوزارية ضمن الدورة الثامنة والثلاثين لمؤتمر المنظمة الوزاري الإقليمي لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأصدر نداءً عاجلًا للعمل من أجل التصدي للجوع في العالم. وشدّد على الحلول القائمة والأدوات المتاحة ودعا إلى تكثيف الجهود في ظل اقتراب موعد تحقيق أهداف التنمية المستدامة الذي سيحين بعد ستّ سنوات.
وفي حدث خاص رفيع المستوى حول "استشراف المحركات والمحفزات المستقبلية" المتعلقة بالإقليم، شدّد السيد شو دونيو على أهمية العمليات الاستشرافية التي تجريها المنظمة. إذ تتيح هذه العمليات استباق الاتجاهات والمخاطر والفرص المستقبلية وتحليلها، بما يمكّن المنظمة من مساعدة واضعي السياسات على تبني نهج طويل الأجل في التعامل مع القضايا الزراعية والغذائية. وهي تساعد أيضًا على معرفة التحديات المحتملة بموازاة تشجيع التدابير المتوقع استخدامها لتعزيز القدرة على الصمود وضمان استدامة النظم الزراعية والغذائية.
وقال السيد شو دونيو: "لقد أصبحت الأزمات تشكّل الوضع الطبيعي بالنسبة إلينا. ولن نتمكّن من تلبية حاجتنا الملحّة إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية لكي تصبح أكثر كفاءة وأكثر شمولًا وأكثر قدرة على الصمود وأكثر استدامة إن لم نفلح في توقع المخاطر والصدمات والأزمات بشكل فاعل وإن لم نكن مستعدين للتصدي لها بكفاءة".
وأضاف، "ينبغي لنا أن نستبق الأحداث لا أن ننتظر إلى ما بعد وقوعها"، مذكرًا بالأرقام الصادمة التي وردت في أحدث إصدار من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، والتي أظهرت أن 150 مليون شخصًا إضافيًا قد وقعوا في حلقة الجوع منذ إصدار خطة عام 2030.
وفي هذا الحدث الذي حضرته مجموعة مرموقة من المندوبين والخبراء وأصحاب المصلحة، شدّد السيد شو دونيو على أن عمل المنظمة في مجال تحليل الاتجاهات والتحديات والسيناريوهات المستقبلية قد شهد زيادة في السنوات الأخيرة، في ظل الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031 وخطتها المتوسطة الأجل، وفي ظل البرامج والمبادرات الرئيسية التي تستفيد من الاستشراف الاستراتيجي.
وأكّد السيد شو دونيو أن "المنظمة ملتزمة بتعزيز عمليات المحاكاة الاستراتيجية لدعم جميع الأعضاء في تحقيق الأفضليات الأربع، أي إنتاج أفضل وبيئة أفضل وتغذية أفضل وحياة أفضل- من دون ترك أي أحد خلف الركب".
حماية الدول الجزرية الصغيرة النامية
في وقت سابق من هذا الأسبوع، افتتح المدير العام للمنظمة اجتماعًا وزاريًّا خاصًا ركّز على تحويل النظم الزراعية والغذائية في الدول الجزرية الصغيرة النامية في إقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
وشدّد، في ملاحظاته الترحيبية، على الأهمية الحاسمة التي يكتسيها التصدي للتحديات الفريدة التي تواجه هذه المناطق والتي تشمل موقعها الجغرافي النائي، وعرضتها للكوارث الطبيعية، وما يطالها من تأثيرات سلبية بسبب أزمة المناخ.
وسلّط السيد شو دونيو الضوء على وفرة الموارد الطبيعية في الدول الجزرية الصغيرة النامية، بما في ذلك المحيطات والأنهار والأراضي والتنوع البيولوجي، مشددًا على إمكانات الازدهار التي لم تُستغلّ بعد في هذه المناطق. ولكنه أقرّ أيضًا بالعقبات التي تعترض عملية التحول الكامل، ومنها مثلًا محدودية الوصول إلى الموارد والعرضة للصدمات الخارجية والآثار المركّبة الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والانكماش الاقتصادي العالمي.
وقال: "سعيًا إلى تعزيز الدعم المُقدّم للدول الأعضاء في التصدي لنقاط الضعف هذه وإلى فتح المجال أمام الفرص والشراكات، أنشأتُ، فور استلامي مهامي في عام 2019، مكتب منظمة الأغذية والزراعة للدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان الأقلّ نموًا والبلدان النامية غير الساحلية، لتلبية احتياجات هذه المجموعة المهمة من أعضاء المنظمة".
وسلّط الضوء أيضًا على واحدة من المبادرات الرئيسية، وهي مبادرة العمل يدًا بيد التي انطلقت في عام 2019 والتي تركز على التدخلات الموَجَّهة القائمة على الأدلّة لمكافحة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وأوجه عدم المساواة والضعف في وجه أزمة المناخ.
وأشار المدير العام إلى مشاركة بلدان البحر الكاريبي المتزايدة في مبادرات المنظمة، منوّهًا بنجاح الأحداث الوزارية السابقة وإنشاء منصة الحلول الخاصة بالدول الجزرية الصغيرة النامية.
وأوضح السيد شو دونيو أنّ "منصة الحلول الخاصة بالدول الجزرية الصغيرة النامية تُيسّر مشاركة المعارف بين الدول الجزرية الصغيرة النامية وبين الدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان الأقل نموًا والبلدان النامية غير الساحلية وبلدان أخرى لتحفيز الابتكارات ودمجها وزيادة الاستثمارات وبناء القدرة على الصمود في النظم الزراعية والغذائية".
وشدّد المدير العام أيضًا على أهمية التعاون في ما بين بلدان الجنوب لتسريع وتيرة تحويل النُظم الزراعية والغذائية في الدول الجزرية الصغيرة النامية الواقعة في البحر الكاريبي. وسلّط الضوء على الجهود المكثّفة التي تبذلها المنظمة من أجل حشد الموارد في الإقليم، وأكّد على التزام المنظمة بالشراكة مع الجهات المانحة التقليدية وغير التقليدية من أجل دفع عجلة التحول الضروري.
وقد شارك في الاجتماع الرفيع المستوى وزراء من ترينيداد وتوباغو وجزر البهاما وسانت كيتس ونيفس وسورينام وغرينادا وكوبا وهايتي، حيث ناقشوا القضايا التي سيتم التطرق إليها في إطار الأولويات الإقليمية لتسريع عملية تحويل النُظم الزراعية والغذائية في بلدانهم وتبادلوا التجارب حول قصص النجاح والدروس المستفادة.