لودز، بولندا/ روما - اجتمع اليوم وزراء وممثلون رفيعو المستوى من جميع أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى خلال الدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر المنظمة الإقليمي لأوروبا لا لمناقشة تداعيات الحرب في أوكرانيا على النظم الزراعية والغذائية العالمية والأمن الغذائي العالمي فحسب، بل أيضًا لمناقشة سبل تسريع الجهود الرامية إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية لضمان التنمية الشاملة والمراعية للبيئة وتحقيق تغذية أفضل على المستوى الإقليمي وخارجه على السواء.
وقال السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) في ملاحظاته الافتتاحية خلال الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر الإقليمي: "إنه وقت مؤاتٍ لمناقشة الاستجابات الملائمة وتبادل الحلول التي أثبتت جدواها لدعم واضعي السياسات في جميع أنحاء الإقليم للتصدي لهذه التحديات".
ويضمّ إقليم أوروبا وآسيا الوسطى 53 بلدًا من البلدان المرتفعة والمتوسطة الدخل التي تشكّل موطنًا لأكثر من 900 مليون نسمة. وأقرّ المدير العام بأنّ الإقليم موجود في "مكانة جيدة" باعتباره أحد الأقاليم التي تؤمّن السلال الغذائية ويؤدي دورًا قياديًا عالميًا من ناحية كمية الإنتاج الغذائي والزراعي وجودته، حتى في ظل ارتفاع مستويات الجوع من مستويات كانت منخفضة نسبيًا في الإقليم.
وقال معالي السيد Henryk Kowalczyk، نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة والتنمية الريفية في بولندا، ورئيس المؤتمر الإقليمي في ملاحظاته الافتتاحية: يضطلع الإقليم "بدور رئيسي في ضمان الأمن الغذائي في العالم وهو يشكّل مصدرًا للأفكار الجديدة والإلهام للعالم أجمع".
وانتخب المشاركون معالي السيد Zbigniew Rau، وزير الشؤون الخارجية في بولندا، رئيسًا للمؤتمر الإقليمي.
وكانت الأوضاع السائدة في أوكرانيا موضع تركيز رئيسي لأعضاء المنظمة في الإقليم، حي ثتم تكريس جلسة للنظر في تأثيرات الحرب على الزراعة، بما يشمل ارتفاع الأسعار العالمية للأغذية والأسمدة نتيجة صعوبة الوصول إلى سلع أساسية ومدخلات معينة.
وقال السيد شو دونيو: "السلام ضروريّ لحماية السكّان من الجوع"، مشيرًا إلى أنّ المنظمة ترصد عن كثب تداعيات الحرب، وتتعهّد بمواصلة إعداد تحليلات وتوصيات على مستوى السياسات فورية وفي الأجلين المتوسط والطويل لفائدة الأعضاء.
وأضاف قائلًا إنّ أوكرانيا هي بلا شك الأكثر تضررًا من هذه الحرب، بسبب معاناة السكّان والدمار اللاحق بسلاسل القيمة والإمدادات، بينما تشمل البلدان المتضررة الأخرى تلك المنخفضة الدخل المستوردة للأغذية التي تعتمد على الاتحاد الروسي وأوكرانيا لتوفير الإمدادات بالأغذية والأعلاف والوقود والأسمدة، فضلًا عن جميع المستهلكين في كل مكان الذين يواجهون أسعار الأغذية التي وصلت إلى مستويات قياسية.
وحثّ أعضاء المنظمة على اغتنام الفرصة التي يتيحها هذا المؤتمر الإقليمي لمناقشة "النُهج المحتملة لمنع حدوث أزمة أكبر في المستقبل".
ويعمل فريق المنظمة في أوكرانيا في الميدان لتنفيذ خطة استجابة سريعة لأوكرانيا، حيث تشير التقديرات إلى أن أسرة من بين كل خمس أسر معيشية تفتقر إلى الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية، وكذلك من أجل مساعدة صغار المزارعين. وقال السيد شو دونيو إنه لم يتم بعد جمع الأموال اللازمة لدعم خطة المنظمة بقيمة 115 مليون دولار أمريكي للوصول إلى حوالي مليون (1) مواطن.
إجراءات محلية سعيًا إلى تحقيق الأفضليات الأربع
تُعقد المؤتمرات الإقليمية لمنظمة الأغذية والزراعة مرة كل سنتين وتكون بمثابة فرصة لمناقشة التحديات وتعزيز الاتساق الإقليمي في السعي إلى تحقيق أهداف الأعضاء. وأتمّ أكثر من 300 مندوب عملية التسجيل للمشاركة في دورة هذا العام، وهم يمثلون جميع بلدان أوروبا وآسيا الوسطى تقريبًا، ما يجعل هذا المؤتمر الإقليمي المؤتمر الذي يجمع العدد الأكبر من المشاركين.
وشدّد المدير العام، في سياق تأكيده على أهمية الالتزام السياسي بخطط العمل، على أن المنظمة ملتزمة بدعم الأولويات الرئيسية التي حددها الأعضاء بالنسبة إلى الإقليم أي: تمكين أصحاب الحيازات الصغيرة، والمزارع الأسرية والشباب؛ وتحويل النظم الزراعية والغذائية؛ وإدارة الموارد الطبيعية على نحو مستدام والحفاظ على التنوع البيولوجي؛ بما يشمل الاستجابة للحرب وأزمة كوفيد-19.
وهذه الأهداف متأصلة من الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031 وتتمحور حول طموحات الأفضليات الأربع: إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل للجميع، من دون ترك أي أحد خلف الركب.
ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية في تجاوز التركيز البحت على الأغذية والإنتاج والتوصّل إلى نهج للنظم الزراعية والغذائية يشمل القيم التغذوية والصحية والاجتماعية والبيئية. ومع أنّ نقص التغذية منخفض نسبيًا، ومعدّل الحصول على الأغذية الحيوانية المصدر والعالية القيمة أعلى من المستوى الأمثل، فإن الأداء التغذوي في الإقليم يواجه تحديات تتراوح بين السمنة والوزن الزائد، ونقص الحديد، ومعدل دون المتوسط للرضاعة الطبيعية للرضّع في الأشهر الستة الأولى من حياتهم.
وقال السيد شو دونيو إنّ الجهود الرامية إلى الحد من أوجه انعدام المساواة بين المناطق الحضرية والريفية وكذلك في المساواة بين الجنسين ومن الناحية الاقتصادية، هي جهود بالغة الأهمية وتقتضي إيجاد فرص أكبر وأكثر تنوعًا في المناطق الريفية. وتنفق اليوم الأسر المعيشية في 11 بلدًا في الإقليم أكثر من 60 في المائة من دخلها على الأغذية والطاقة والإسكان والمياه، مقابل بلد واحد فقط في عام 2017.
وقد سلّط المدير العام الضوء على أنّ المنظمة ستطلق هذا الأسبوع المنصة الفنية الإقليمية للزراعة الخضراء التي ستوفر بوابة رقمية سهلة الاستعمال ومفتوحة لتبادل المعلومات. وأفاد كذلك بأنّ ثلاثة بلدان في الإقليم قد انضمت إلى مبادرة المنظمة بشأن "بلدٌ واحد، منتجٌ واحد ذو أولوية" التي أطلقتها المنظمة، بينما يستخدم بلد آخر نظام دعم الاستثمارات القائم على البيانات الخاص بمبادرة المنظمة للعمل يدًا بيد.