روما - يؤدي النحل والملقحات الأخرى، وهي مخلوقات صغيرة تعمل بكد واجتهاد، وحليف لا يقدر بثمن لسلامة الكوكب وحياة البشر، دورًا لا غنى عنه في صون النظم الإيكولوجية، وهي تكتسي أهمية حاسمة بالنسبة إلى الإنتاج الغذائي وسبل كسب العيش وتعد حلقة وصل مباشرة بين النظم الإيكولوجية البرية ونظم الإنتاج الزراعي. فثمار اللوز أو التفاح أو البن أو الفراولة كلّها أغذية بوسعنا التلّذذ بها بفضل ما يقوم به النحل والحشرات الملقحة الأخرى من أنشطة تلقيح غاية في الدقة. وإضافة إلى ما نتناوله من أغذية، تساهم هذه الحشرات بصورة مباشرة في توفير الأدوية وإنتاج الألياف والوقود الحيوي وغير ذلك من المواد.
وفي الوقت الذي تجود فيه أنواع النحل والملقحات الأخرى بما لا يعد ولا يحصى من النعم بفضل عملها الذي لا يعرف الكلل، فإنها أضحت تواجه العديد من التحديات. وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للنحل لعام 2022، تدق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) ناقوس الخطر، محذّرة من تراجع خدمات التلقيح في أنحاء عديدة في العالم.
وقال المدير العام للمنظمة، السيد شو دونيو، في رسالة فيديوية أدلى بها في حفل أقيم يوم الجمعة بمناسبة اليوم العالمي للنحل الذي يصادف 20 مايو/أيار، "يتراجع بشكل كبير عدد النحل والملقحات والكثير من الحشرات الأخرى جراء الممارسات الزراعية غير المستدامة، ومبيدات الآفات، والآفات ومسببات الأمراض، وتدمير الموائل، وأزمة المناخ".
وأضاف قائلًا "يجب علينا العمل بشكل جماعي لدعم دور النحل والملقحات وتربية النحل، واستعادته وتعزيزه".
وقد شهد الحدث الافتراضي مشاركة خبراء في النحل والملقحات من كل حدب وصوب. وتخلّلته مناقشات وعرض تجارب من الميدان لم تسلّط الضوء على المنافع الجمّة التي تتيحها هذه المخلوقات الصغيرة للبشر والطبيعة فحسب وإنما أيضًا على التهديدات والتحديات التي تواجهها هذه الحشرات اليوم بفعل الانعكاسات الوخيمة لأنشطة البشر على البيئة.
وإنّ شعار هذا العام، "ملتزمون بحماية النحل: الاحتفاء بتنوّع النحل ونظم تربيته"، يشجعنا جميعًا على أن ندلو بدلونا لأنه بمقدور كل واحد منا فعل شيء لاحترام هذه الحشرات التي تقوم بالكثير بالنسبة إلينا وتوفير الوقاية لها. ولفت الخبراء الانتباه، خلال المداخلات التي قاموا بها في الحدث الذي عقدته المنظمة، إلى مدى أهمية تنوع النحل ونظم تربيته الموجودة حول العالم.
والجدير بالذكر أن تربية النحل هي نشاط يتجاوز إنتاج العسل ويساهم في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة. فتربية النحل تتيح، نظرًا إلى إمكانية القيام بها باستخدام موارد محدودة ومواد متاحة محليًا، مصدرًا للدخل للذين يعيشون حياة عنوانها الفقر المدقع، ما يساعد على تحسين قدرة المجتمعات الريفية ومجتمعات الشعوب الأصليين على الصمود وسبل عيشهم.
وشدّد المدير العام للمنظمة على أن "تربية النحل نشاط عالمي واسع النطاق، إذ يعتمد ملايين مربي النحل، بمن فيهم أفراد الشعوب الأصلية، على النحل لكسب عيشهم ورفاههم". وواقع الأمر أن الشعوب الأصلية تكتسي أهمية حاسمة لصون مخزونات الموارد الوراثية الهامة، وهي غالبًا ما تكون الوحيدة التي على إلمام بأنواع النحل المحلية وجميع منتجاتها وخدماتها.
وتجدر الإشارة أن تخصيص اليوم العالمي للنحل في عام 2017 جاء بموجب قرار اتخذته الأمم المتحدة، بناءً على اقتراح تقدمت به حكومة سلوفينيا. وقد أتاح حدث هذا العام مجددًا فرصة للترويج للإجراءات التي يمكن للحكومات والقطاع الخاص والمنظمات والمجتمع المدني والمواطنين اتخاذها لوقاية النحل والملقحات الأخرى وموائلها، وتعزيز تنوعها، والنهوض بالممارسات المستدامة لتربية النحل.
عمل المنظمة
تعمل المنظمة وشركاؤها من أجل حماية ودعم دور النحل والملقحات الأخرى والمجتمعات المحلية التي تستفيد من ذلك من خلال الخطة العالمية لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن خدمات التلقيح من أجل زراعة مستدامة؛ ويكمن الهدف من وراء ذلك في خلق تنوع أكبر للموائل في البيئات الزراعية والحضرية، وتعزيز السياسات التي تدعم المكافحة البيولوجية للآفات والحد من استخدام مبيدات الآفات.