نيويورك - لقد آن الأوان من أجل "إظهار التضامن والتعاطف لكي تتمكن البشرية" من مجابهة الارتفاع في معدلات الجوع والفقر نتيجة مجموعة من الأسباب التي تتطلّب استجابة عالمية منسقة، على حد ما أعلنه اليوم السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) في ملاحظاته الافتتاحية خلال حدث رفيع المستوى من تنظيم مبادرة مؤسسة كلنتون (المبادرة العالمية لمؤسسة كلنتون) على هامش انعقاد الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال مخاطبًا حشدًا من نحو 100 من رجال الأعمال والناشطين البارزين في مجال الأعمال الخيرية ورؤساء الدول وقادة المجتمع المحلي على مستوى القواعد الشعبية الذين يشكلون معًا أسرة مبادرة مؤسسة كلنتون والمدعويين لمناقشة "كيفية" ضمان حصول الجميع على نحو مستدام على أغذية مغذية "نحن اليوم أمام خطر حدوث أزمة للحصول على الأغذية وأزمة لتوافر الأغذية وقدرة الحصول عليها خلال الأشهر المقبلة".
وقد أشاد المدير العام بالرئيس السابق السيد Bill Clinton على قيادته ودعوته إلى "إعادة التفكير وإعادة تصور مستقبل عالمنا". وانعقد هذا الحدث تحت عنوان "الأزمة الغذائية وخطر عدم الاستقرار العالمي: كيف يمكننا اتخاذ إجراءات ملحة ومستدامة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي" وضمّ مجموعة من الخبراء من بينهم فخامة السيد Lazarus McCarthy Chakwera، رئيس ملاوي وجهات فاعلة أخرى في مجال النظم الغذائية.
لقد وصلت معدلات الجوع إلى مستويات مرتفعة غير مقبولة وارتفعت بشكل مأساوي خلال السنتين الماضيتين بفعل النزاعات وعدم الاستقرار، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، والصدمات الاقتصادية العالمية والوطنية وأزمة المناخ التي "تطال جميع أرجاء هذا الكوكب الصغير قاطبة" على حد قول السيد شو دونيو.
وأردف قائلاً "إنّ نظمنا الزراعية والغذائية هشّة وسلاسل إمداداتنا عرضة للضغوط. كما أنّ حجم انعدام الأمن الغذائي الحاد وشدّته مخيفان للغاية."
لكن رغم كل التحديات والصعاب، أعرب المدير العام عن "تفاؤله إزاء المساهمات التي يمكن أن نقدمها لتسريع عجلة التغيير."
فقال "ينصب كلّ تركيزنا على تحويل نظمنا الزراعية والغذائية لكي تصبح أكثر كفاءة وشمولاً وقدرة على الصمود واستدامة من أجل إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب."
آفاق المستقبل
أشار السيد شو دونيو إلى المجالات الرئيسية التي تستوجب التزامًا بالعمل من أجلها.
وفي طليعتها أزمة المناخ التي تحمّل القطاع الزراعي العبء الأكبر لـتأثيراتها. فالاستثمار في الزراعة وفي سبل العيش الريفية أكثر كفاءة من حيث الكلفة وأكثر استدامة بمقدار سبعة إلى عشرة أضعاف مقارنة بالمساعدة الغذائية المباشرة. وهو ما يدفع المنظمة إلى التركيز على الاستثمار في الحلول القائمة على قواعد البيانات في مجال القدرة على الصمود لمساعدة المزارعين في استباق الكوارث والتأهّب لها. ولكنه أشار مع ذلك إلى أنه يجري تخصيص نسبة ثمانية في المائة فقط من التمويل العالمي للأمن الغذائي في حالات الطوارئ لمساعدة الإنتاج الزراعي.
وأشار المدير العام إلى أنّ الكوارث الطبيعية وأزمة المناخ تتسببان بالنزوح غير الطوعي، ما يزيد من إلحاح الحلول القابلة للتطبيق في الأجل الطويل بما يعطي أملاً للفئات الأضعف وفرصًا وأدوات وموارد والقدرة على النفاذ إلى الأسواق من أجل بناء سبل عيش قادرة على الصمود وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
أما المجال الثاني فيتمثل في الرابط الحيوي بين نوعية النمط الغذائي والأمن الغذائي، ما يجعل العدالة الصحية من منظار الأغذية حافزًا أساسيًا للعمل. إذ يعجز اليوم أكثر من ثلاثة مليارات نسمة في العالم، والكثيرون منهم في البلدان المتقدمة، عن تحمّل كلفة نمط غذائي صحي، ما يؤكّد الحاجة إلى إبقاء النظام التجاري العالمي مفتوحًا وإلى أن تتوخى الحكومات مزيدًا من الكفاءة عند تخصيص الميزانيات العامة.
وقال المدير العام "يجدر بنا توسيع نطاق العرض للأغذية المغذية ومن ثمّ تحويل الإنتاج إلى هذا النوع من الأغذية".
ثالثًا، يكتسي التعافي والنمو الاقتصادي الشامل أهمية أساسية بعدما أدت جائحة كوفيد-19 والنزاعات إلى ازدياد عدم المساواة في الدخل العالمي وأثرت سلبًا على المساواة بين الجنسين وفرص العمل اللائق والطموحات البيئية، بحسب ما أشار إليه السيد شو دونيو.
فكل زيادة بنسبة واحد في المائة في مؤشر أسعار الأغذية لدى منظمة الأغذية والزراعة الذي بلغ أرقامًا قياسية خلال سنة 2022، من شأنه أن يدفع بنحو 10 ملايين شخص إضافي إلى حلقة الجوع المدقع، ما يجعل برامج الحماية الاجتماعية أولوية للحكومات وللشركاء الرئيسيين. واعتبر أننا "بحاجة إلى تطبيق سياسات تعالج أوجه عدم المساواة الهيكلية وتستهدف الفقر في الريف" مردفًا أنّ الحلول لمعالجة هذه الأزمة العالمية سوف تتطلب وضع السياسات المناسبة وتأمين مزيد من الاستثمارات وعقد شراكات عملية مع القطاع الخاص.