روما – يمثل التصدي لآفة الفاقد والمهدر من الأغذية فرصة من أجل تحقيق مكاسب ثلاثية – تطال فوائدها المناخ والأمن الغذائي واستدامة نظمنا الزراعية والغذائية – ولا يمكن تأجيله في وقت يتزايد فيه الجوع على نطاق العالم وتسجّل فيه أسعار الأغذية ارتفاعًا حادًا.
وقد جرى اليوم إحياء اليوم الدولي الثالث للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية بإطلاق دعوة إلى العمل في حدث افتراضي عالمي في روما عقدته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (البرنامج).
ويأتي هذا الحدث في مرحلة حرجة حيث ساهم استمرار جائحة كوفيد-19 والأثر المتزايد لأزمة المناخ والحرب في أوكرانيا في تراجع الأمن الغذائي والتغذية في العالم.
ووفقًا لآخر تقرير صادر عن المنظمة بشأن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع ليبلغ 828 مليون شخص في عام 2021، وهي زيادة بنحو 46 مليون شخص منذ عام 2020 وبمقدار 150 مليون شخص منذ عام 2019. وبصورة عامة، تشير التقديرات إلى أنّ عدد الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول على نمط غذائي صحي يبلغ 3.1 مليار شخص.
ومن جهة أخرى، يشير تقرير حالة الأغذية والزراعة (2019) الصادر عن المنظمة إلى أنّ العالم لا يزال يفقد حوالي 14 في المائة من الأغذية (بقيمة 400 مليار دولار أمريكي في السنة) بعد حصادها وقبل أن تصل المخازن؛ في حين يشير تقرير مؤشر نفايات الأغذية الصادر عن البرنامج إلى أنّ هناك نسبة أخرى من غذائنا تبلغ 17 في المائة ينتهي بها المطاف مهدورة في قطاع البيع بالتجزئة ومن قبل المستهلكين، لا سيما في الأسر المعيشية. ووفقًا لتقديرات المنظمة، يمكن للفاقد والمهدر من الأغذية إطعام 1.26 مليار شخص جائع كل عام.
ويشكل الفاقد والمهدر من الأغذية أيضًا نسبة تتراوح بين 8 و10 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم – ممّا يساهم في عدم استقرار المناخ وحدوث ظواهر مناخية متطرفة، مثل موجات الجفاف والفيضانات. وتؤثر هذه التغيرات سلبًا على غلات المحاصيل ومن المحتمل أن تخفض الجودة الغذائية للمحاصيل وتُحدث اختلالات في سلسلة الإمداد.
وبالتالي يعدّ إسناد الأولوية للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية أمرًا حاسمًا من أجل الانتقال نحو نظم زراعية وغذائية مستدامة تحسّن كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتخفف أثرها على الكوكب وتضمن الأمن الغذائي والتغذية.
وقال السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة: "نحن بحاجة إلى عمل جماعي بغية الارتقاء بالجهود المبذولة من أجل الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بموازاة خفض انبعاثات غازات الدفيئة، فلنواصل العمل معًا بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية والاتساق كي نزيد الوعي بشأن الفاقد والمهدر من الأغذية ونضع حدًا له. من أجل شعوب وكوكب بصحة جيدة".
دعوة إلى العمل
تخلل الحدث الذي انعقد في روما رسائل من قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس ونائب الأمين العام للأمم المتحدة السيدة Amina J. Mohammed، فضلًا عن كلمة رئيسية ألقاها وزير الزراعة في الدنمارك معالي السيد Rasmus Prehn.
وأعقب ذلك مناقشة لفريق الخبراء شارك فيها خبراء من مختلف أرجاء العالم وحملت عنوان توليد منافع مناخية للأشخاص وكوكب الأرض عن طريق الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية.
وقد أطلق الحدث دعوة واضحة إلى العمل موجهة إلى كيانات القطاعين العام والخاص على نطاق النظام الزراعي والغذائي كي تقوم فورًا بقياس الفاقد والمهدر من الأغذية والحد منه وتحويل سلوك المستهلك نحو وقف هدر الأغذية بصورة عاجلة.
ويتطلب ذلك إعداد وتنفيذ استراتيجيات وسياسات وشراكات وطنية مصممة من أجل تسريع العمل على الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية. كما يضطلع أصحاب المصلحة على جميع المستويات بدور رئيسي، بمن فيهم المجتمع الزراعي والجهات الفاعلة على طول سلسلة إمدادات الأغذية ومؤسسات البحوث والأوساط الأكاديمية، فضلاً عن "كل فرد منا بصفته مستهلكًا" على حدّ قول السيد شو دونيو.
وقالت السيدة Inger Andersen، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "يهدر كل واحد منا 74 كيلوغرامًا من الأغذية في المتوسط كل عام، في البلدان المتوسطة الدخل والمرتفعة الدخل على السواء. وإنّ خفض المهدر من الأغذية بمقدار النصف ووقف الفاقد من الأغذية جزء هام من الجهود المبذولة بغية التصدي لأزمتي المناخ والأغذية العاجلتين".
الأغذية لا تهدر أبدًا. فمن خلال تطبيق الممارسات الدائرية، على سبيل المثال، يمكن تحويل الفاقد والمهدر من الأغذية إلى سماد، أو استخدامهما لإنتاج الغاز الأحيائي، وبالتالي تجنب انبعاثات غاز الميثان الضارة.
تعهّد جديد
تدعو خطة التنمية المستدامة لعام 2030 إلى خفض المهدر العالمي من الأغذية للفرد الواحد بمقدار النصف على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك، والحدّ من الفواقد الغذائية على امتداد سلاسل الإنتاج والإمداد، بما في ذلك الفواقد في مرحلة ما بعد الحصاد (المقصد 12-3 من أهداف التنمية المستدامة). ومن شأن تحقيق هذا المقصد أن يترك آثارًا كبرى على التصدي لتغير المناخ.
وقبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 (COP27) المقبل، قام أعضاء ائتلاف Food is Never Waste الذي جرى تشكيله من أجل الدفع قدمًا بخطة قمة النظم الغذائية لعام 2021، بإطلاق تعهّد عالمي بشأن الفاقد والمهدر من الأغذية يدعو الحكومات والأعمال التجارية والمؤسسات إلى قطع التزامات طوعية للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بغية تسريع التقدم المحرز نحو تحقيق مقصد أهداف التنمية المستدامة.
وقالت السيدة Amina J. Mohammed، نائب الأمين العام للأمم المتحدة: "لا بد أن تتسارع خطى العمل، حيث أنّ ثماني سنوات فحسب من أجل تحقيق المقصد 12-3 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في خفض المهدر من الأغذية بمقدار النصف بحلول عام 2030 والحد من الفواقد الغذائية بنسبة 25 في المائة على الأقل".
تعاريف
ينشأ الفاقد من الأغذية، على النحو الوارد في تقرير حالة الأغذية والزراعة (2019) الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة، من مرحلة ما بعد الحصاد وصولًا إلى مرحلة البيع بالتجزئة، لكنه لا يشملها.
ينشأ المهدر من الأغذية، على النحو الوارد في تقرير مؤشر نفايات الأغذية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على مستويات البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية والمستهلك.
ويتحقق الفاقد والمهدر من الأغذية بطرق عديدة، منها على سبيل المثال: