الرباط/روما - قال اليوم السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) خلال الدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر المنظمة الوزاري الإقليمي لأفريقيا (الدورة الثالثة والثلاثون) إنّ مستويات الجوع في أفريقيا قد ارتفعت في السنتين الأخيرتين بفعل الآثار الطويلة الأمد لجائحة كوفيد-19، والصراعات المستمرة، وأزمة المناخ، والصدمات الاقتصادية، إلّا أنّ القارة تتمتع بإمكانات عظيمة وهناك أمل كبير في ضوء الفرص التي تلوح في الأفق.
وقال إنّ "أفريقيا لديها أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة بين سائر القارات ولديها وفرة من الموارد الطبيعية. كما أنّ الشباب في أفريقيا يتحلّون بإمكانات استثنائية".
وأضاف السيد شو دونيو أنّ المضي قدمًا في جدول الأعمال الإقليمي المتجسد في الالتزامات المشتركة مثل إعلان مابوتو وإعلان مالابو سيتطلب رسم مسار جديد، بصورة جماعية وفورية، لتحويل النظم الزراعية والغذائية في القارة الأفريقية، داعيًا إلى "إبرام شراكات استراتيجية وتأمين المزيد من الاستثمارات وتسخير قوة التكنولوجيات الرقمية بهدف تحسين الكفاءة والإنتاجية في قطاعات الزراعة في أفريقيا".
وقد وصلت نسبة الجوع في أفريقيا إلى 19.7 في المائة في عام 2022، وهي نسبة تساوي ضعف المعدل العالمي وتتجاوز نسبة 17 في المائة التي كانت سائدة قبل الجائحة وتتجاوز تقديرات عام 2012 البالغة 14.8 في المائة. علاوة على ذلك، وصل عدد الأفارقة الذين عجزوا عن الحصول على الغذاء الكافي في عام 2022 إلى 868 مليون شخص، أي نسبة 61 في المائة من السكان، وكان حوالي 146 مليون شخص في 36 بلدًا، يعانون على الأرجح من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 أو أعلى من مراحل التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي). وفي الوقت نفسه، تتفاوت معدلات الجوع في أفريقيا تفاوتًا كبيرًا، حيث تكون المعدلات منخفضة في بلدان مثل الجزائر وغانا بينما تقترب المعدلات من نسبة 50 في المائة أو قد تتجاوزها أيضًا في بلدان أخرى مثل مدغشقر وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وقال معالي السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية في ملاحظاته الافتتاحية: "لا بدّ لكم من نشر الزراعة ودعمها"، حيث سلّط الضوء على الاستثمارات الكبيرة التي امتدت على عدة سنوات التي قامت بها حكومة المملكة المغربية من أجل تحسين كفاءة الري والمياه، فضلًا عن المبادرات الزراعية والغذائية الأخرى التي زادت المداخيل في المناطق الريفية. وأضاف أنّ "وضع الاستثمار في صميم معادلة الزراعة" هو أمر جوهري بالنسبة إلى خطة الجيل الأخضر التي تُنفذ في المملكة المغربية ويروّج لها جلالة الملك محمد السادس.
وتتيح الدورة الثالثة والثلاثون للمؤتمر الإقليمي لأفريقيا عقد مشاورات رفيعة المستوى بهدف تحديد الأولويات الرئيسية في الإقليم وأخذها في الاعتبار عند إعداد برنامج عمل المنظمة وميزانيتها لفترة السنتين القادمة.
وتشكّل الأفضليات الأربع - أي إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل وحياة أفضل - النقاط الرئيسية في الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031 وفي خارطة الطريق المفضية إلى تحقيق نظم زراعية وغذائية أكثر كفاءة وشمولًا واستدامة وقدرة على الصمود. وقال المدير العام إنّ "تلك الأفضليات ليست مجرد رؤية - بل إنها دعوة إلى العمل".
انتهاز الفرص
مع أنّ الصراعات التي طال أمدها تشكّل عقبة رئيسية أمام إحراز التقدم وتفرض عبئًا ثقيلًا على سكان الريف، حالها حال آثار أزمة المناخ، إلّا أنّ أفريقيا هي موطن للعديد من الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم، كما أنّ التوجه الراهن نحو منطقة تجارة حرة قارية يَعِد بتعزيز إمكاناتها، ما يجعلها وجهة طبيعية للاستثمارات.
وقد انضم إلى مبادرة العمل يدًا بيد التابعة للمنظمة 36 بلدًا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وباتت الآن قيمة خطط الاستثمار المعدّة للإقليم تتجاوز 12 مليار دولار أمريكي. ويشارك 10 من بلدان الإقليم حاليًا في مبادرة 000 1 قرية رقمية، و29 بلدًا في مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، في حين طبّق 16 بلدًا نظام إدارة المعلومات الزراعية (AIMS). وقامت المنظمة أيضًا بحشد أكثر من 91 مليون دولار أمريكي من مرفق البيئة العالمية والصندوق الأخضر للمناخ من أجل تمويل مشاريع في أفريقيا. وتدلّ هذه الأرقام على نجاح المنظمة في إرساء تعاون فعال واستراتيجي مع الشركاء في الموارد والشركاء الفنيين في تلك البلدان وتمكينها من المضي قدمًا متمتعة بقدر أكبر من الديناميكية والمرونة.
وأشار المدير العام إلى مجموعة من المبادرات المبتكرة التي تنفذها المنظمة في الإقليم، ومنها مبادرة تستخدم الطائرات من دون طيار لتوصيل خلايا جرثومية عالية الجودة من أجل تكاثر الثروة الحيوانية في رواندا، وأخرى تستخدم يرقات الذباب الأسود لتحويل المهدر من الأغذية إلى أسمدة عضوية في كوت ديفوار، وثالثة تستخدم تسلسل الحمض النووي لضمان سلامة شتلات الأفوكادو في جمهورية تنزانيا المتحدة. ويمكن الاطلاع بصورة مفصلة على المزيد من المبادرات المحلية البارزة من خلال زيارة هذا الرابط.
وحثّ السيد شو دونيو الوزراء على الاستفادة من الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر الإقليمي لأفريقيا لتبادل المعارف وأفضل الممارسات بغية تمكين كل بلد من اتخاذ زمام المبادرة بنفسه لتحويل نظامه الزراعي والغذائي. وأضاف أنّ المنظمة على أتم الاستعداد لمواصلة تقديم الدعم لتلك المساعي.
ويضم المؤتمر الإقليمي عددًا من الأحداث الخاصة، بما في ذلك الموائد المستديرة الوزارية التي ستبحث في موضوع التكنولوجيات الناشئة، واستراتيجيات القدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، وديناميكيات الأسواق، وإمكانات الأغذية المائية، والميكنة الزراعية، والرقمنة، والسياسات الشاملة الرامية إلى تمكين النساء والشباب، وتحديات التنوع البيولوجي، والتصحر، واستراتيجيات تنمية الثروة الحيوانية.