روما – افتُتح هنا اليوم منتدى الأغذية العالمي بقيادة الشباب الذي يهدف إلى حفز التغيير في كيفية إنتاج غذائنا وإتاحته واستهلاكه، والتخفيف من وطأة أزمة الغذاء العالمية المتنامية، سعيًا إلى تعزيز مشاركة الشباب، والعلوم والابتكار والاستثمارات.
وإنّ هذا الحدث المتعدد الأوجه الذي تستضيفه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) هو الثاني من نوعه. ويأتي في أعقاب المنتدى الرائد الذي انعقد العام الفائت والذي استقطب 000 20 مشاركٍ و75 شريكًا في سبيل إيجاد أفضل الحلول من أجل إصلاح النظم الزراعية والغذائية العالمية.
وقام السيد شو دونيو، المدير العام للمنظمة في كلمته الافتتاحية التي ألقاها أمام المنتدى بمخاطبة الشباب قائلاً: "لقد ابتدعتم معنا حركة عالمية. وأنتم تعملون على إيصال أصواتكم وجعل الآخرين يشعرون بوقعها. أنتم تستنهضون العمل الملموس وتقودونه. وإن أفكار الأصدقاء والداعمين الشباب القائمة على الابتكار والحلول تجعلني أثق بأننا على المسار الصحيح." مضيفًا "إن مستقبل الزراعة والأغذية رهن أيدينا بالكامل، ونحن على قناعة بأنه مستقبل أفضل لكم ولنا جميعًا".
وقال قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس في رسالة ألقيت نيابة عنه، إنه في فترة الأزمات المترابطة هذه، لا يقتصر التحدي على "أن نقدم الغذاء فحسب، بل أن نضع أنفسنا في خدمة الآخرين، إدراكًا منا للمكانة الجوهرية التي يحتلها الإنسان وحرصًا عليها. ولا يمكن الحفاظ على هذه الأولوية إلا إذا آمنا مجددًا بالأخوّة والتضامن اللذين يجب أن يلهما طابع العلاقات بين الأفراد وبين الشعوب".
القادة العالميون يخاطبون المنتدى
كان من بين القادة العالميين الذين تحدثوا بشخصهم في حفل الافتتاح كلّ من فخامة السيد Xiomara Castro، رئيس جمهورية هندوراس، الذي دعا المنتدى إلى استنباط حلول شاملة لاستئصال الفقر في المدى القريب والمتوسط؛ وقام فخامة السيد Andrzej Duda، رئيس جمهورية بولندا، بالثناء على التزام الشباب بتحويل النظم الغذائية لجعلها أكثر تجاوبًا مع احتياجات البشر؛ فيما شدد فخامة السيد Carlos Manuel Vila Nova، رئيس جمهورية سان تومي وبرنسيبي، على أن بلاده باعتبارها من الدول الجزرية الصغيرة النامية تأتي بصوت خاص إلى المنتدى، مركزًا على زيادة التعاون الدولي من أجل التعجيل في تحويل النظام الزراعي والغذائي.
وتضمنت قائمة رؤساء الدول والحكومات الآخرين الذين ألقوا كلمتهم أمام المنتدى بالوسائل الافتراضية كلاً من فخامة السيد Laurentino Cortizo Cohen، رئيس جمهورية بنما، وفخامة السيد Jose Pedro Castillo Terrones، رئيس جمهورية بيرو، ومعالي السيدة Sheikh Hasina، رئيسة وزراء بنغلاديش. وكان معالي السيد Patrizio Bianchi، وزير التعليم العام في إيطاليا، والسيدة Lea Bruckner، وعازفة الكمان والناشطة في مجال المناخ من بين المتحدثين الآخرين.
والجديد في منتدى الأغذية العالمي هذا العام أنه يضم ثلاثة مسارات مختلفة ومترابطة في آن معًا، يتناول كل منها تحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية ويدعمه من منظور فريد، وهي:
منتدى الشباب العالمي التابع لمنتدى الأغذية العالمي الذي سيركز على موضوع "أنماط غذائية صحية من أجل كوكب صحي". وهو يهدف إلى توعية الشباب وتحفيز العمل بشأن العلاقة القائمة بين أزمة المناخ والحصول على أغذية آمنة ومغذية وأنماط غذائية صحية. ومنتدى العلوم والابتكار الذي سيسلّط الضوء على الدور الحيوي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في تحويل نظمنا الزراعية والغذائية وفي وضع حد للجوع. وسيكرّم المنتدى آخر التطورات في مجال العلوم والابتكار وسوف يستكشف التقدم العلمي للتعجيل في تنفيذنا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030. وسيمثل منتدى الاستثمار الخاص بمبادرة العمل يدًا بيد منصة للسلطات الوطنية والهيئات العامة والخاصة على المستويين العالمي والوطني، إلى جانب مصارف التنمية المتعددة الأطراف والمانحين، من أجل البحث في فرص تمويل مبادرة العمل يدًا بيد. وهي من البرامج الرائدة في المنظمة التي تهدف إلى توجيه مصادر التمويل نحو البلدان الأشد حاجة إلى الاستثمارات في النظم الزراعية والغذائية.
وينعقد الحدث بالتزامن مع صدور التقرير الأخير عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم الذي تعدّه منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها، الذي تشير تقديراته إلى أن ّعدد الأشخاص الذين كانوا يعانون من الجوع في عام 2021 بلغ 828 مليون شخص– أي بزيادة قدرها 46 مليون شخص عمّا كان عليه الحال في عام 2020 وبمقدار 150 مليون شخص إضافي عمّا كانت عليه الأوضاع في عام 2019.
تعدد العوامل المسببة لأزمة الغذاء
من العوامل المسببة لأزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة، النزاعات والجائحة وتداعيات أزمة المناخ. ومما زاد الطين بلّة، التضخم المتزايد والارتفاع الحاد في أسعار الأسمدة، ما يهدد بنشوء أزمة على صعيد الوصول إلى الأغذية في الوقت الراهن وينذر بنشوء أزمة في توفر الأغذية وتيسّر كلفتها خلال الموسم المقبل.
ويمثل المنتدى العالمي للأغذية منصة جوهرية وهامة من أجل التصدي لهذه التحديات؛ إذ تعدّ كيفية تحويل النظم الزراعية والغذائية من أجل أنماط غذائية صحية، موضوعًا رئيسيًا في منتدى الشباب؛ ويقوم العديد من البلدان الأشد ضعفًا في سياق أزمة الأمن الغذائي الحالية بتقديم عروض بشأن الاستثمارات الحيوية في منتدى الاستثمار الخاص بمبادرة العمل يدًا بيد؛ وتعد كيفية ضمان حصول صغار المنتجين في بلدان الجنوب على الابتكارات التكنولوجية وتمكينهم من تحمل كلفتها لأجل ردم "الفجوة التكنولوجية"، من المجالات التي يركّز عليها منتدى العلوم والابتكار.
وسبق أن قام منتدى الأغذية العالمي هذا العام – وهو شبكة عالمية مستقلة أنشأتها في بادئ الأمر لجنة الشباب في المنظمة – باستضافة مجموعة من الأحداث شهدت مشاركات من كل حدب وصوب. وعقدت جمعية الشباب مشاورات وقامت بتحديد الأولويات على مستوى السياسات في جميع الأقاليم وتعيين جهات اتصال إقليمية من أجل توفير التوجيه الاستراتيجي. كما طُرحت جوائز جديدة للابتكار، بما في ذلك تحدي البحوث التحويلية، إلى جانب جائزة استثنائية جديدة بشأن طاعون المجترات الصغيرة وجوائز الأعمال التجارية الناشئة المبتكرة بالشراكة مع Xtreme Tech Challenge، بالإضافة إلى جائزة جديدة للابتكار في مجال القدرة على الصمود. كما أنشأ المنتدى أيضًا مجموعة العلماء الشباب تضم 20 عالمًا شابًا لامعًا دون سن الخامسة والثلاثين من العمر بهدف إثراء الوعي والتثقيف.
وعكف المنتدى منذ نشأته على تنظيم فعاليات حول مواضيع منها السياسات والابتكار والتعليم والطهي والفنون، وشارك فيها آلاف الشباب ومناصري الشباب حول العالم الموزعين في أكثر من 200 بلد وإقليم. كما استضاف المنتدى منافسات الأعمال التجارية الناشئة والبحوث للسعي إلى إيجاد حلول جديدة، وأقام مهرجانًا سينمائيًا وحفلات موسيقية بغية استثارة الوعي بشأن المسائل الملحة واستضاف معرضًا فنيًا وموائد مستديرة وجمعيات بمشاركة الشباب ومجموعات الشعوب الأصلية وأقام دورات احترافية تعليمية شارك فيها قادة عالميون.
وكان القاسم المشترك هو الأهمية الحاسمة التي يكتسيها إنشاء حيز يمكّن الشباب من إيصال أصواتهم وتحويل أفكارهم إلى إجراءات ملموسة.