روما – أطلقت اليوم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية المنتدى العالمي للزراعة الأسرية، احتفاءً بالدور الأساسي الذي يضطلع به المزارعون الأسريون في بناء نظم زراعية وغذائية مستدامة ومعالجة تأثيرات أزمة المناخ، ومن أجل تحديد السبل الكفيلة بتزويدهم بدعم أفضل.
وسيحتلّ المزارعون الأسريون، إلى جانب المسؤولين الحكوميين والباحثين والخبراء، على مدى ثلاثة أيام، الصدارة في المناقشات حول الطرق الممكنة لدفع عجلة التقدم نحو تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة. وهذا الحدث الذي يسجّل بلوغ منتصف مدة عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية للفترة 2019-2028، والذي يُعقد في المقر الرئيسي للمنظمة على هامش منتدى الأغذية العالمي لعام 2024، سيعرض الابتكارات في مجال السياسات والتجارب الناجحة من جميع أنحاء العالم.
وقال المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو في حفل إطلاق فعاليات المنتدى العالمي إنّ المزارعين الأسريين "يقدمون معظم أغذيتنا، أي ما يتراوح بين 70 و80 في المائة على المستوى العالمي، من حيث القيمة".
"والمزارعون الأسريّون هم الذين يلمّون أكثر من غيرهم بواقع العمل في الأرض، والتعامل مع الحيوانات، والمحيطات والغابات. وإنّ أصواتهم ووجهات نظرهم أساسية في مناقشاتنا خلال هذا الأسبوع".
وأضاف المدير العام: "إنهم بحاجة إلى الخدمات المالية، والتكنولوجيات الجديدة، وقنوات جديدة للوصول إلى الأسواق ... وعلينا أن نعمل معًا لتحقيق هذه الغايات".
وقالت السيدة Gérardine Mukeshimana، نائب رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية: "يتحمّل المزارعون الأسريون، الذين هم عند الخطوط الأمامية لمواجهة العديد من الأزمات - العبء الأكبر. ومع ذلك، لديهم المعارف والتجارب اللازمة لإحداث تغيير مجدٍ. وتقع على عاتقنا مسؤولية دعمهم وتمكينهم، وضمان بقائهم في صلب الحلول التي نسعى إلى تنفيذها".
وشدّدت أيضًا على أن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية يطمح إلى تعبئة 10 مليارات دولار أمريكي للاستثمار في سكان الريف خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتحسين الإنتاجية الزراعية، وتعزيز القدرة على الصمود، وزيادة الدخل، ضمن المزرعة وخارجها على السواء، ودعم روّاد المشاريع في الريف لتطوير الأعمال التجارية واستحداث فرص العمل.
ودعا معالي السيد Cruz Lopez، وزير الزراعة في الجمهورية الدومينيكية، في ملاحظاته الترحيبية الحكومات إلى إعطاء الأولوية للاستثمار في الزراعة الأسرية، لا سيما في مجال التكنولوجيا التي اعتبر أنّ بإمكانها أن "تحوّل بشكل جذري القدرة الإنتاجية لصغار المزارعين... وكذلك نوعية حياتهم".
وشارك أيضًا في حفل الافتتاح نيافة الكاردينال Mauro Gambetti، النائب البابوي العام على حاضرة الفاتيكان ورئيس أساقفة كنيسة القديس بطرس، والسيد José Graziano da Silva، المدير العام لمعهد Fome Zero والمدير العام السابق لمنظمة الأغذية والزراعة.
وكان من بين المشاركين الرفيعي المستوى الآخرين ممثلون عن حكومة إيطاليا، وهي إحدى الجهات الراعية الرئيسية لهذا الحدث، فضلًا عن عدد من الوزراء من مختلف أنحاء العالم الذين سيشاركون في المناقشات بشأن المبادرات والتحديات والفرص على المستوى القطري.
تسليط الضوء على المزارعين الشباب والمزارعات
سوف يستكشف المشاركون في المنتدى العالمي للزراعة الأسرية المجالات ذات الأولوية مثل الابتكار والاستثمار والمساواة بين الجنسين والحصول على الأراضي والموارد الطبيعية على قدم المساواة، وسيبحثون في مواضيع تشمل القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، والابتكارات في مجال السياسات العامة، وفرص السوق المتنوعة المتاحة للمزارعين الأسريين.
وسيتم التركيز بصفة خاصة على تمكين المزارعين الشباب وأهمية إشراك الشباب في الزراعة. وسيركّز المنتدى أيضًا على الابتكارات في مجال السياسات التي تعالج التحديات الفريدة التي تواجهها المرأة الريفية والتي تؤدي دورًا محوريًا في استدامة المزارع الأسرية والحفاظ على معارف الشعوب الأصلية.
وسيكون المنتدى بمثابة دعوة إلى العمل من أجل تجديد الالتزام من جانب الحكومات والمنظمات وأصحاب المصلحة لدعم الزراعة الأسرية على النحو الوارد في عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية.
وسيحتضن المنتدى إذاعة ريفية نموذجية، وهي عبارة عن محطّة بثّ تعمل بكامل طاقتها مباشرةً من المقر الرئيسي للمنظمة، بهدف توسيع نطاق المناقشات ووجهات النظر بشأن الزراعة الأسرية لتصل إلى الجماهير الريفية.
ما هي الزراعة الأُسرية؟
تشكّل الزراعة الأسرية، التي تضمّ أكثر من 550 مليون مزرعة في جميع أنحاء العالم، العمود الفقري لإنتاج الأغذية حيث تمثّل أكثر من 90 في المائة من مجموع المزارع. ويقوم المزارعون الأسريون، خاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بزراعة أغذية متنوعة ومغذية ودعم التنوع البيولوجي للمحاصيل وترشيد إدارة الموارد الطبيعية. وبالإضافة إلى ضمان الأمن الغذائي العالمي، يحافظ هؤلاء أيضًا على المجتمعات الريفية والتراث الثقافي والموارد الطبيعية.
وبفضل الممارسات الزراعية القادرة على التكيف إلى حد كبير والمتجذرة في المعارف المحلية والتي لا تعتمد بشدة على المدخلات الخارجية الرئيسية، يساعد المزارعون الأسريون على تحسين سلامة التربة وتعزيز الإنتاجية وزيادة القدرة على الصمود في وجه التأثيرات المناخية.
ورغم الدور الهام الذي يضطلع به المزارعون الأسريون في إنتاج الأغذية لنسبة كبيرة من سكان العالم، لا تزال سبل عيشهم هشّة.
ويقطن معظم هؤلاء المزارعين في المناطق الريفية حيث يعيش حوالي 80 في المائة من الفقراء ومن يعانون من انعدام الأمن الغذائي في العالم. وهم يواجهون صعوبات كثيرة في الحصول على الموارد الإنتاجية وفرص السوق والخدمات الأساسية. وبالنسبة إلى النساء، تكون هذه العقبات أكثر ما يعيق إنتاجيتهنّ ويؤثر في النظام الزراعي والغذائي الأوسع نطاقًا، الأمر الذي يديم الفقر والجوع. ويمارس المزارعون الأسريون أنشطة اقتصادية متعددة إلى جانب الزراعة، وغالبًا ما تكون غير رسمية، للمساهمة في زيادة دخلهم المتواضع.
دور منظمة الأغذية والزراعة
تقود منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية تنفيذ عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية للفترة 2019-2028 الذي يهدف إلى وضع السياسات والاستثمارات العامة دعمًا للزراعة الأسرية وتحسينها وتنفيذها، وإطلاق كامل الإمكانات التحويلية التي يتحلّى بها المزارعون الأسريون للمساهمة في تحويل النظم الزراعية والغذائية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتتعاون المنظمة بشكل وثيق مع الحكومات والبرلمانيين والمزارعين الأسريين لصياغة السياسات والتشريعات العامة التي تحسن ظروف المزارعين الأسريين. ومن خلال 45 لجنة وطنية للزراعة الأسرية، شارك ما لا يقل عن 2 625 من الجهات الفاعلة المعنية في عمليات أو منصات الحوار، بما في ذلك 853 1 من منظمات واتحادات المزارعين الأسريين.
وتوفّر منصّات المعارف التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن الزراعة الأسرية، مثل منبر معارف الزراعة الأسرية، والمنصة الفنية الإقليمية للزراعة الأسرية، والمبادرات الإقليمية الثلاث للاتصالات في خدمة التنمية موارد قيّمة وتعزّز تبادل المعارف، بينما تقدّم مبادرات مثل المدارس الحقلية للمزارعين ومرفق الغابات والمزارع دعمًا مباشرًا لمنظمات المزارعين.
فعلى سبيل المثال، في الجمهورية الدومينيكية، تم سنّ اقتراحات قوانين جديدة للزراعة الأسرية والمشتريات العامة والتغذية المدرسية في أعقاب اعتماد خطة العمل الوطنية للزراعة الأسرية. ويدعم الإطار القانوني وضع استراتيجية شاملة لتعزيز الروابط بين المزارعين الأسريين والأسواق وتشجيع إدماجهم في أسواق جديدة متصلة بالسياحة الزراعية والترفيه.
دور الصندوق الدولي للتنمية الزراعية
يندرج المزارعون الأسريون في محور عمل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية. وقد قدم صندوق الأمم المتحدة الوحيد الذي يركّز حصرًا على المناطق الريفية دعمًا ماليًا وفنيًا كبيرًا لعقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية، إلى جانب الدعم العيني من خلال المتخصصين الفنيين فيه.
وسهّل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية تقديم منح مباشرة في توغو وكوت ديفوار للجان الوطنية للزراعة الأسرية من أجل وضع خطط عمل وطنية للزراعة الأسرية، فيما يجري تنفيذ مبادرات مماثلة في نيجيريا. وشملت الجهود الإقليمية العمل مع رابطة التعاون الإقليمي في جنوب آسيا ومنظمة الأغذية والزراعة لصياغة خطط عمل إقليمية ودعم مصادقة الفلبين على خطة عملها الوطنية.
وفي عام 2023، وافق الصندوق الدولي للتنمية الزراعية على منحة جديدة بقيمة مليون (1) دولار أمريكي لمنظمة الأغذية والزراعة والمنتدى الريفي العالمي لزيادة الدعم لمنظمات المزارعين الأسريين. وتشمل هذه المنحة صندوقًا لمواجهة التحديات بهدف دعم تنفيذ 12 خطة عمل وطنية للزراعة الأسرية في بلدان مثل بوروندي والسلفادور ومدغشقر. وتكمّل هذه المنحة جهود برنامج منظمات المزارعين، الذي يشارك في تمويله الاتحاد الأوروبي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وهو عبارة عن استثمار كبير بقيمة 73 مليون يورو في أفريقيا وآسيا والبحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية، بهدف ضمان بقاء الزراعة الأسرية أولوية في الأطر السياساتية واستراتيجيات التنمية.
واضطلع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية بدور أساسي في دعم قوانين الزراعة الأسرية في بلدان مثل بيرو والسلفادور وإجراء دراسات رئيسية في غرب أفريقيا عن تأثير كوفيد-19 على المزارعين الأسريين.
ومنذ إطلاق عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية في عام 2019، تم وضع 364 قانونًا وسياسة ونظامًا والموافقة عليها في 82 بلدًا. وقد نفذ 46 بلدًا أطرًا سياساتية للزراعة الأسرية، واعتمد 16 بلدًا خطط عمل وطنية بشكل رسمي، وتم وضع ثلاث خطط إقليمية وإقليمية فرعية ذات صلة.