برلين - يساهم التوسّع الحضري، إلى جانب تغير المناخ والتقدم التكنولوجي، في إحداث تغيير كبير في طريقة إنتاجنا واستهلاكنا للأغذية، ما يعني أنّ المدن والحكومات المحليّة بحاجة إلى دعم أكبر لمساعدتها في سعيها إلى تحويل النُظم الزراعية والغذائية على نحو مستدام. كانت هذه الرسالة التي وجّهتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) إلى حلقة نقاش للخبراء تخللت المؤتمر العالمي المنعقد اليوم في برلين.
وتركّز نسخة عام 2023 من المنتدى العالمي للأغذية والزراعة، وهو حدث سنوي تستضيفه الوزارة الاتحادية الألمانية للأغذية والزراعة، على تحويل نظمنا الزراعية والغذائية كوسيلة للاستجابة إلى الأزمات المتعددة التي يواجهها الأمن الغذائي العالمي، وتشمل تغير المناخ وجائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
ومن بين الفعاليات التي تضّمنها المؤتمر، حلقة نقاش للخبراء استضافتها منظمة الأغذية والزراعة بعنوان "الاستفادة من النُظم الغذائية الحضرية والمحلية لتحويل النُظم الغذائية على نحو مستدام".
وقدّم النقاش السيد Maximo Torero، رئيس الخبراء الاقتصاديين في المنظمة، وأدارها السيد Raimund Jehle، قائد البرنامج الإقليمي في المنظمة. وكان من بين المشاركين السيد Gabriel Ferrero de Loma-Osorio، رئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي التابعة للأمم المتحدة، والسيدة سعاد عبدالرحيم، رئيسة بلدية تونس العاصمة، والسيدة Jane Battersby، كبيرة المحاضرين في جامعة كيب تاون.
وفي ظل استهلاك المناطق الحضرية حاليًا لنسبة 70 في المائة من الأغذية العالمية والتوقعات التي تشير إلى أنّ عدد سكان هذه المناطق سيزداد بمقدار الضعف تقريبًا في العالم بحلول عام 2050، دعي فريق الخبراء إلى تحديد طرق مبتكرة لتعزيز دور النُظم الغذائية الحضرية والمحلية والإقليمية ووظيفتها من خلال النظر في الاتجاهات الأخيرة ومصادر البيانات الجديدة. وناقش أيضًا فريق الخبراء السبل التي يمكن من خلالها للمدن وأصحاب المصلحة المحليين الاضطلاع بدور أكبر في تحويل النُظم الغذائية على نحو مستدام.
وقال السيد Torero في مقدمته لنقاش الخبراء: "تعمل المنظمة في مجال النُظم الغذائية في المناطق الحضرية وتم تضمينها أيضًا في الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031، بما يضمن ألا يقتصر بحثنا على الإنتاج الغذائي في المناطق الريفية فحسب بل يشمل أيضًا النُظم الغذائية الحضرية".
ورغم تزايد التوسّع الحضري (بمعدل سنوي قدره 3 في المائة وتزايد عدد سكان المناطق الحضرية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بمعدل أسرع بثلاثة أضعاف من عدد سكان الريف؛ في حين من المتوقع ارتفاع نسبة سكان المناطق الحضرية في البلدان المتوسطة الدخل من 42 في المائة في عام 2000 إلى 59 في المائة في عام 2030)، لا تحظى المدن والحكومات المحلية بالاعتراف والدعم الكافيين على المستوى الوطني والعالمي. وقال السيد Torero إنّ أفريقيا وآسيا تشهدان أسرع معدلات التوسع الحضري.
وأعلن أيضًا رئيس الخبراء الاقتصاديين أنّ إصدار عام 2023 من تقرير منظمة الأغذية والزراعة الرئيسي بعنوان حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم سيركّز على التوسّع الحضري باعتباره موضوعًا حاسم الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحديدًا الهدف 2 منها بشأن القضاء على الجوع.
وخلال النقاش، دعت السيدة سعاد عبدالرحيم إلى توطيد التعاون على سبيل المثال من خلال المشروع المشترك مع منظمة الأغذية والزراعة بشأن الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية من خلال التعليم المبكر. وقدّم السيد Armen Harutyunyan، ممثلًا اللجنة الاقتصادية للمنطقة الأوروبية الآسيوية، مثالًا عمليًا آخر يتمثل في منصة مصمّمة لتزويد البلدان والجهات الفاعلة في القطاع الخاص بمعلومات عن المبادرات والحلول المبتكرة لتحسين الأمن الغذائي في المجتمعات الحضرية.
مبادرات منظمة الأغذية والزراعة
إنّ منظمة الأغذية والزراعة ناشطة بالفعل حاليًا على جبهات متعددة في هذا المجال.
فمبادرة المدن الخضراء مثلًا تركّز على تحسين البيئة الحضرية وتعزيز الروابط القائمة بين المناطق الحضرية والريفية وقدرة النُظم والخدمات الحضرية وسكان المناطق الحضرية على الصمود أمام الصدمات الخارجية. وتهدف هذه المبادرة التي أطلقت في سبتمبر/ أيلول 2022، إلى تحسين سبل عيش سكّان المناطق الحضرية وشبه الحضرية ورفاههم في 1 000 مدينة بحلول عام 2030.
وتمثل خطة العمل للأغذية في المناطق الحضرية مبادرة رئيسية للمنظمة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والأمن الغذائي والتغذية في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، والمناطق الريفية القريبة منها. وتتألف خطة العمل هذه من مجموعة واسعة من السياسات والبرامج والمبادرات التي جرى وضعها وتنفيذها بالاشتراك مع أصحاب المصلحة المتعددين، أي المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والأمم المتحدة والوكالات الدولية وشبكات المدن والأجهزة والهيئات الخاصة والعامة المعنية.
وأخيرًا، إنّ منظمة الأغذية والزراعة ملتزمة بضمان تحقيق النتائج المتوخاة من قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية لعام 2021 ونجاحها، وقد شهدت هذه القمة إنشاء تحالف من أجل النُظم الغذائية الحضرية المستدامة والشاملة لغرض دعم تحويل النُظم الغذائية الحضرية.