هراري – قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، السيد شو دونيو، مخاطبًا الزعماء الأفارقة والخبراء أثناء حفل الافتتاح الرفيع المستوى لأول حلقة عمل إقليمية تنظمها منظمة الأغذية والزراعة بشأن خرائط الطريق الوطنية للمياه في زمبابوي، "من الجلي أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية استخدام المياه المتوفرة لنا بصورة مستدامة ومنصفة – واضعين الابتكارات الزراعية في المقام الأول".
وأوضح السيد شو دونيو أنّ خرائط الطريق الوطنية للمياه – وهي استراتيجيات ستساعد على تعزيز إدارة الموارد المائية – تمثل أداة هامة لمواجهة التحديات المتزايدة المتعلقة بالمياه، مما يساعد على تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وتهدف أول حلقة عمل إقليمية تنظمها منظمة الأغذية والزراعة، المنعقدة حضوريًا في هراري وافتراضيًا أيضًا، إلى تنوير البلدان الأفريقية بشأن الدور الشامل الذي تؤديه المياه في التنمية المستدامة وإلى توفير منصة للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأكاديميات من أجل مناقشة خطط المياه الخاصة بكل بلد والعمل على إعدادها.
أهمية الاهتمام بالموارد المائية
ذكّر المدير العام للمنظمة المشاركين بأنّ المياه هي أحد أثمن الموارد في العالم ولا غنى عنها في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة.
وشدد قائلًا "بما أنّ الماء يمثل الغذاء، والغذاء يمثل الماء، فإنّ الغذاء حياة ... ونحن ننتج نسبة تفوق 95 في المائة من أغذيتنا على البر، من التربة والمياه". وقال محذرًا "وبالرغم من ذلك، نحن نواجه تحديات بالغة تتعلق بالمياه، تتمثل في موجات الجفاف وندرة المياه والفيضانات والتلوث".
وتزيد أزمة المناخ بكل تأكيد من وتيرة موجات الجفاف والفيضانات وحدتها، مما يؤثر على إنتاج الأغذية.
وفي أفريقيا، لا يزال 289 مليون شخص – أي ما يعادل نسبة 21 في المائة من السكان – يعانون من الجوع أو انعدام الأمن الغذائي، وهناك ما يزيد عن 300 مليون شخص في القارة يعيشون في مناطق متضررة من قلة الأمطار وعدم انتظامها، مما يفضي إلى موجات الجفاف وندرة المياه.
وأكّد السيد شو دونيو قائلًا "تؤثر هاتان الظاهرتان المتناقضان – الكثير جدًا من المياه أو القليل جدًا منها – على المزارعين والمحاصيل والإنتاج والثروة الحيوانية والاقتصادات وسبل العيش".
الحلول المقترحة
أحاط المدير العام علمًا حلقة العمل بأنه من الأهمية بمكان زيادة إنتاجية المياه العذبة مع وضع الابتكارات في القطاع في موقع الصدارة، مشددًا على أنّ الزراعة مسؤولة عن نسبة 70 في المائة من عمليات سحب المياه العذبة في العالم.
وأوضح قائلًا " المزيد من المحاصيل لكل قطرة ماء"، مضيفًا أنه من الضروري أيضًا خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الزراعة عن طريق الإدارة المستدامة للتربة، للحيلولة دون وقوع المزيد من الاضطرابات في دورة المياه والمناخ.
كما دعا البلدان الأفريقية إلى إدراك السياق العام للإدارة المتكاملة لموارد المياه من أجل معالجة احتدام المنافسة والمقايضات بين القطاعات، وإلى زيادة العمل ضمن شراكات.
وشدد المدير العام للمنظمة قائلًا "تتسم الاستراتيجيات والسياسات المتكاملة المتعلقة بالمياه، المشفوعة بإجراءات ملموسة وإرادة سياسية قوية، بأهمية حاسمة في إدارة المياه ضمن القطاعات بصورة شمولية وفعالة".
أفريقيا توحد صفوفها من أجل بلورة رؤية مشتركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه
قال معالي السيد Anxious Jongwe Masuka، وزير الأراضي والزراعة ومصايد الأسماك والمياه والتنمية الريفية في زمبابوي، ممثلًا رئيس جمهورية زمبابوي السيد Emmerson Mnangagwa في حفل الافتتاح الرفيع المستوى لحلقة العمل الإقليمية التي تنظمها المنظمة، إنّ الاجتماع سيوفر منصة لأفريقيا من أجل بلورة رؤية مشتركة والتحدث بصوت واحد في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023.
وشدد قائلًا "كلي أمل أن يبدي هذا الموقف الجماعي قدرًا كبيرًا من المزاملة وقدرًا كبيرًا من الوحدة في تنوعنا، والأهم من ذلك، أن يراعي احتياجات مواطني أفريقيا وتطلّعاتهم".
وستعقد الأمم المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023 في مقرها الرئيسي في نيويورك في الفترة من 22 إلى 24 مارس/آذار 2023، من أجل استعراض التقدم المحرز في تنفيذ عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل المياه. وسيتيح ذلك يتيح فرصة من أجل الحفاظ على الزخم وزيادة الوعي بدور المياه في الاقتصادات والمجتمعات والبيئة وحشد الإجراءات العالمية والمحلية بشأن المياه من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
وتعمل المنظمة، سعيًا منها إلى دعم العمل الجماعي على المستوى الوطني الهادف إلى إعداد خرائط الطريق تلك، على تنظيم حلقات عمل إقليمية بشأن خرائط الطريق الوطنية للمياه.
وقد شهد حفل الافتتاح الرفيع المستوى أيضًا مشاركة السيد Edward Kallon، المنسق المقيم للأمم المتحدة في زمبابوي والسيد Gilbert F. Houngbo، رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية والمدير العام لمنظمة العمل الدولية.
وخلال اليومين المقبلين، ستتخلّل الحدث مجموعة من الموائد المستديرة الرفيعة المستوى والعروض التقديمية ومناقشات لجان الخبراء من أجل تحديد توصيات إقليمية قابلة للتنفيذ تتعلق بأمور منها، التمويل والابتكار والحوكمة وغيرها من المسائل المرتبطة بإدارة المياه.
منظمة الأغذية والزراعة في أفريقيا والمياه
تنفذ المنظمة العديد من المشاريع المتعلقة بإدارة المياه في أفريقيا وتتعاون بصورة نشطة مع البلدان من أجل رسم خرائط الطريق الوطنية للمياه الخاصة بها.
فعلى سبيل المثال، توفر بوابة إنتاجية المياه المفتوحة النفاذ (WaPOR) التابعة للمنظمة بيانات تستند إلى الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية في أفريقيا والشرق الأدنى.
وتساعد المعلومات المستقاة من البوابة صانعي السياسات على اتخاذ قرارات مستنيرة والاستعداد بصورة أفضل لمواجهة الجفاف وزيادة الإنتاج الزراعي باستخدام قدر أقل من المياه.
وتضطلع المنظمة أيضًا بمهام الأمانة العامة للإطار العالمي بشأن ندرة المياه في الزراعة (الإطار العالمي).
والإطار العالمي هو شراكة نشأت عام 2017 وتستضيفها المنظمة. وهي تتألف من 70 وكالة حكومية ومنظمة دولية ومؤسسة أبحاث ومجموعات توعية، تعمل على تنفيذ المشاريع وبلورة أفكار جديدة للتصدي لتزايد ندرة المياه في الزراعة.
وتدعم المنظمة أيضًا المشاريع الميدانية المنفذة في أفريقيا والهادفة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه. وتتضمن تلك المشاريع، على سبيل المثال، تحديث نظم الري القديمة وتنفيذ نظم الري العاملة بالطاقة الشمسية في أوغندا وبوركينا فاسو والاستخدامات المتعددة للأرز غير المقشور في إنتاج الأرز والأسماك في زامبيا.
كما تدعم المنظمة بلدان الساحل (بوركينا فاسو والنيجر) في الارتقاء بتكنولوجيات الري الصغيرة النطاق عن طريق مشروع دعم الساحل، من أجل إنتاج محاصيل عالية القيمة.