اخبارنا

slider

بذور المحاصيل تعود من الفضاء في المشروع المشترك بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة للمساعدة في توفير الغذاء في عالم يسوده الاحترار

روما/فيينا- البذور التي أُرسلت إلى الفضاء في العام الماضي عادت إلى الأرض ضمن محطة بارزة جديدة في الجهود المشتركة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) لتطوير محاصيل قادرة على الصمود ويمكنها المساعدة في توفير أغذية كافية في ظل ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

فالنباتات تتطوّر بشكل طبيعي لتزدهر في محيطها، إنما لطالما كافحت المحاصيل من أجل مواكبة الوتيرة الحالية لتغيّر المناخ. وقد ارتفعت درجة حرارة العالم فيما يزداد العدد الإجمالي للسكان، ما يُرغم المزارعين من حول العالم على المكافحة لتلبية الطلب على الأغذية. وبهدف دعم هؤلاء المزارعين وتحسين الأمن الغذائي في العالم، قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة، من خلال المركز المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية للتقنيات النووية في الأغذية والزراعة، بإرسال بذورٍ إلى الفضاء من أجل استكشاف آثار الإشعاع الكوني على تسريع التكيّف الطبيعي والوراثي للمحاصيل الضرورية للغاية. فعودتها إلى الأرض تمهّد الطريق للعلماء للبدء بتحليل النتائج.

وبعد إطلاقها من مرفق طيران والوبس التابع لوكالة ناسا في فرجينيا، في الولايات المتحدة الأمريكية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بعدما أمضت حوالي 5 أشهر في محطة الفضاء الدولية، أُطلقت بذور نباتات Arabidopsis والذرة الرفيعة- التي تمّ اختيارها بسبب وجود بنك كبير بالفعل للبيانات العلمية المتاحة لأغراض المقارنة - من محطة الفضاء الدولية على متن طائرة الشحن SpaceX CRS-27 في تمام الساعة 17:05 بتوقيت وسط أوروبا الصيفي (CEST) في 15 أبريل/نيسان، وحطّت بمظلة هبوط بالقرب من شواطئ فلوريدا، الولايات المتحدة الأمريكية في تمام الساعة 22:58 بتوقيت وسط أوروبا الصيفي. وسوف تبدأ الآن رحلة عودتها إلى مختبرات المركز المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية للتقنيات النووية في الأغذية والزراعة في سايبرسدورف، النمسا، حيث سيتم فحصها وتحليلها لتحديد السمات المرغوب فيها.

وقال السيد Rafael Mariano Grossi، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: "إنّ مشروع المحاصيل الكونية مشروعٌ خاص جدًا. وهذا علمٌ يمكن أن يترك أثرًا حقيقيًا على حياة الأشخاص في المستقبل القريب من خلال مساعدتنا في زراعة محاصيل أقوى وتوفير الأغذية لمزيد من الأشخاص. وكان علماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة يحوّلون بالفعل البذور منذ 60 عامًا، ويستنبطون آلاف المحاصيل الأقوى ليستخدمها العالم، لكنها المرة الأولى التي نختبر فيها مجالًا مثيرًا كعلم الأحياء الفلكية".

وقال السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة:"الآن وقد عادت البذور إلى الأرض، يمكننا أن نرى آثار الإشعاع الكوني والجاذبية الصغرى ودرجات الحرارة القصوى ومقارنتها مع الآثار المستحثة في مختبراتنا المشتركة. ويمكن أن تساعدنا هذه التجربة الرائدة في تطوير المحاصيل القادرة على التكيّف مع تغيّر المناخ وتعزيز الأمن الغذائي العالمي".

وسوف تخضع البذور لعملية استيراد متصلة بالصحة النباتية تشكل اشتراطًا معياريًا لنقل المواد النباتية عبر الحدود الوطنية من أجل التقليل إلى أدنى حدّ ممكن من مخاطر إدخال آفاتٍ جديدة، قبل وصولها في نهاية المطاف إلى المختبرات.

ويحصل الإشعاع عادةً في المختبرات في آلاتٍ تستخدم أشعة غاما والأشعة السينية، الأمر الذي يسرّع عملية التباين الوراثي التلقائي. ويعمل العلماء على تحديد الصفات الإيجابية في البذور الخاضعة للأشعة، وإدخال هذه الصفة في الأجيال المقبلة. وبهذه الطريقة، تتطوّر النباتات بشكل أسرع في حال تمتّعت بسمات مرغوب فيها، بما في ذلك قدرتها على الصمود في وجه الأمراض وعلى تحمّل الجفاف. كما أن النطاق الواسع والإشعاع الأقوى في الفضاء، إلى جانب أحداث قصوى أخرى مثل الجاذبية الصغرى والحرارة، قد يتسبّبان بتغييرات وراثية لا تظهر عادةً في مصادر الإشعاع على الأرض.

وقال السيد Shoba Sivasankar، رئيس قسم تربية النباتات وعلم الوراثة في المركز المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية: "هذه دراسة الجدوى الأولى التي تجريها منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحديد آثار الإشعاع الكوني، والجاذبية الصغرى ودرجات الحرارة القصوى على الجينوم النباتي والبيولوجيا، من أجل توليد قدرٍ كافٍ من التباين الوراثي لتعزيز التكيّف مع تغيّر المناخ".

وسوف يتم اختبار نبتة Arabidopsis، وهي نوع من الرشاد تسهل زراعته وزهيد الكلفة وينتج الكثير من البذور، للاطلاّع على قدرته على تحمّل الجفاف والملح والحرارة. أمّا الذرة الرفيعة، وهي من الحبوب الغنية بالمغذيات القابلة للنمو في الأراضي القاحلة والقادرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، فسوف يتمّ اختبارها لتحديد السمات المرغوب فيها لجهة القدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ. وستتم زراعة بذور هذين النوعين من النباتات حتى الجيل المقبل قبل انتقاء السمات، وبفضل نبتة Arabidopsis الأسرع نموًا، وتبعًا لموعد وصولها إلى المختبرات في سايبرسدورف، قد تظهر أولى النتائج في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي هذين النوعين من المحاصيل، سيتمّ استخراج الحمض النووي وتحديد تسلسله، لمقارنة التغييرات بين البذور التي تمّ تعريضها للإشعاع في المختبر، وتلك التي وُضعت داخل محطة الفضاء الدولية والبذور التي وُضعت خارج المحطة وتعرّضت بالكامل للإشعاع الكوني والجاذبية الصغرى ودرجات الحرارة القصوى. وهذه المقارنات، إضافةً إلى تحليل مقارن لعلم الأحياء النباتي، سوف تساعد في فهم ما إذا كانت للظروف الصعبة في الفضاء آثارٌ فريدة وقيّمة على تحسين المحاصيل، وإذا أمكن أن يستفيد منها الناس على الأرض.

معلومات أساسية

يعمل المركز المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، القائم في فيينا، النمسا، منذ 60 عامًا على  تسريع وتيرة البحوث في مجال تربية النباتات باستخدام الإشعاع لاستنباط أنواع جديدة من المحاصيل الزراعية. وفي تاريخ زراعة النباتات، شكّل الاختيار الطبيعي أو التربية بالتطوّر، ما يُسمّى أيضًا تربية الطفرات، الدافع الكامن وراء تدجين المحاصيل وتربية النباتات. وهي مسؤولة عن التكيّف الوراثي للنباتات مع بيئتها المتغيّرة، كما أنها تؤدي إلى تحسين المحاصيل. وقد جرى حتى الآن تطوير أكثر من 400 3 صنف جديد من أكثر من 210 من أنواع النباتات باستخدام الإشعاع - التباين الوراثي المستحث وتربية الطفرات - بما في ذلك العديد من المحاصيل الغذائية ونباتات الزينة والأشجار التي يستخدمها المزارعون في 70 بلدًا. 

مصر الطقس