اخبارنا

slider

نداء عالمي لاتخاذ إجراءات ملموسة بشأن التحويل المستدام في مجال الثروة الحيوانية

روما - عُرضت، على مدار ثلاثة أيام من النقاشات الرفيعة المستوى في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، مشاريع محلية مبتكرة وأوجه تقدم ذات صلة في مجال المعارف المتعلقة بالمسعى العالمي لجعل الإنتاج الحيواني أكثر مراعاة للبيئة، وداعمًا لسبل العيش الريفية، وقادرًا على تلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة من البروتينات.

وقد ألقى المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو خلال اختتام المؤتمر العالمي بشأن التحويل المستدام في مجال الثروة الحيوانية - وهو الأول على الإطلاق في هذا المجال وحضره أكثر من 700 مشارك بما في ذلك 27 من الوزراء أو كبار المسؤولين الحكوميين و100 من ممثلي الشباب وعدد كبير من الباحثين وممثلي المنظمات المتعددة الأطراف - ملاحظاته الختامية التي حثَّ فيها جميع الأطراف على ترجمة أقوالهم إلى إجراءات ملموسة، مقرّا في الوقت نفسه بصعوبة هذه المهمة التي شدّد على أنها "ضرورية لرفاه الإنسان وكوكب الأرض".

وقال السيد شو دونيو إنّ الثروة الحيوانية تعتبر، على أكثر من صعيد، مؤشرًا على حياة أفضل. وأضاف أنّه "على الحكومات والمزارعين والباحثين والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشركاء كافة المضيّ قدمًا، يدًا بيد، لقيادة التغيير على جميع المستويات".

وانبثقت عن المؤتمر رسالتان عامتان: الأولى، أنّنا نملك الآن معرفة عالمية واسعة بشأن ما يتعيّن القيام به، وغالبًا بشأن كيفية القيام بذلك، في حين أنّ المهارات التنفيذية لا تزال قيد التطوير. والثانية، أنّه ما من حلّ يناسب الجميع في قطاع يعتمد عليه أكثر من 1.7 مليارات شخص ويستخدم أكثر من نصف مساحة الأراضي على سطح الأرض، وتحديدًا من المناطق غير الملائمة لزراعة المحاصيل.

وأشار المشاركون أيضًا إلى أن الحدّ من بصمة الكربون هو مطلب أساسي بالنسبة إلى هذا القطاع، ولكنّ تحقيق أهداف فعالة يتطلب تعاونًا وتنسيقًا عبر الحدود، فضلًا عن مراعاة أوجه التآزر المنشودة التي يمكن أن تتيحها الإدارة المستدامة للثروة الحيوانية، كالأسمدة والتحكّم بالأعشاب الضارة وصحة التربة والقدرة على احتباس الكربون.

وقال السيد Jimmy Smith، مدير البرامج الدولية في كلية الزراعة والموارد الطبيعية في جامعة ميريلاند، إنّ الاستدامة ومفهوم التحول ليس لهما تعريف ثابت، ولكنّ رؤية المنظمة للأفضليات الأربع يمكن أن توفّر إرشادات فعّالة لتوجيه السياسات الجديدة السليمة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وإيكولوجيًّا. وأضاف قائلًا: "يتعيَّن علينا تهيئة مستقبل صالح لمعيشة الأشخاص العاملين في مجال الإنتاج الحيواني"، مشيًرا إلى أنّ هذا القطاع ينطوي على مزايا جذابة للشباب ولفرص العمل الموجهة إليهم.

وقالت السيدة Elizabeth Nsimadala، رئيسة اتحاد مزارعي شرق أفريقيا والعضو في مجلس (أفريقيا) المنظمة العالمية للمزارعين، إنّ الثروة الحيوانية هي مصدر للبروتينات التغذوية الهامة، وهي أيضًا مصدر لفرص العمل والدخل والاندماج الاجتماعي في المجتمعات المحلية. وأضافت أن "الكثير من الفرص لم يتم استغلالها، وأنها ستتيح مزيدًا من الفرص في ما لو تمّ استغلالها"، مشيرة إلى أنّ الاستثمارات ودعم السياسات في المناطق النامية يمكن أن يؤديا دورًا مهمًا في درء التحول إلى أنشطة زراعية أقلّ خطرًا تساهم بقدر أقلّ في الأمن الغذائي بشكل عام.

وقالت السيدة Renata Bueno Miranda، أمينة الابتكار والتنمية المستدامة والري والتعاونيات في وزارة الزراعة والثروة الحيوانية في البرازيل، إنّ أحد الاعتبارات الرئيسية هو التنوع البشري وليس فقط النظم الإيكولوجية والسلالات الحيوانية. وأضافت أنّ "العلوم لا يمكن استخدامها كستار للحياد، وعلينا ألَّا نستخدمها لصبغ جميع النواحي باللون الرمادي"، وأشارت إلى الدور الهائل الذي أدَّته الثروة الحيوانية في تحويل البرازيل إلى أكبر بلد مصدّر صافٍ للسلع الزراعية في العالم.

واتفق المشاركون عمومًا على أنّ التحويل المستدام في مجال الثروة الحيوانية يعتمد على العمل أكثر منه على البحوث. وقال السيد Harry Clark، رئيس العلماء في مركز أبحاث غازات الدفيئة الزراعية في نيوزيلندا، "إنّنا نعرف الكثير، ولكنّنا لا نعمل بالقدر نفسه. فنحن بارعون في الحديث عنه على مستويات عالية، ولكنّنا لا ننفّذ أقوالنا على مستوى المزارع".

وأشارت معالي السيدة Christianne Van der Wal، وزيرة الطبيعة وسياسات النيتروجين في هولندا، إلى أنّ تحويل الإنتاج الحيواني نحو الاستدامة قد يتطلب، في بعض الحالات، خفض الإنتاج.

وأُشير أيضًا إلى أن الابتكار في مجال علف الثروة الحيوانية هو فرصة مهمة.

وأشار معالي السيد Fernando Mattos، وزير الثروة الحيوانية والزراعة ومصايد الأسماك في أوروغواي، إلى أنّ التجارة قادرة على حفز أوجه تآزر تكميلية، ما يتيح للبلدان التركيز على ما يمكن القيام به على أكمل وجه. وأكَّد، معربًا عن إقراره الكامل بالحاجة إلى مواجهة التحدّيات مثل خفض انبعاثات غاز الميثان، على تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية وعلى أنّ اعتماد نهج شامل هو أمر في غاية الأهمية. وقال إنّ "مشكلة البيئة لا تتمثل في الأبقار، بل في البشر".

مبادرات ملموسة

تخلل المؤتمر عرض العديد من المشاريع والبرامج الرامية إلى تعزيز عمليات التحويل المستدام في مجال الثروة الحيوانية، بالإضافة إلى تقديم عروض فنية عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقرير جديد مهم صادر عن المنظمة بشأن "غاز الميثان في نظم الثروة الحيوانية والأرزّ".

وعرض مسؤول رفيع المستوى من كينيا تجربة بلاده مع نظام التأمين على الماشية حسب الأرقام الدليلية، وهو إصدار يشمل لعبة على الهاتف المحمول موجهة إلى الرعاة وتهدف إلى تيسير اعتماد أدوات تمويل المخاطر في بلد يكتسي فيه نقل قطعان الماشية عبر المراعي أهمية كبرى.

وفي أوروغواي، نُفّذ مشروع لتربية الماشية يركّز على المناخ في مزارع تجريبية، أفضى إلى تراجع بنسبة 18 في المائة في كثافة الانبعاثات المرافقة لإنتاج اللحوم، بالإضافة إلى زيادة تنوع الأنواع في الأراضي العشبية وتعزيز قدرة إنتاج العلف على الصمود. وسيجري توسيع نطاق المشروع ورقعته ليشمل الأهداف الخاصة بالكربون العضوي في التربة.

وسلَّط رئيس المجلس الوطني لتنمية منتجات الألبان في الهند الضوء على الإجراءات التي اتخذتها بلاده، حيث ازداد إنتاج الحليب بأكثر من 50 في المائة في خلال أقلّ من عقد من الزمن، ليُشكّل الآن حوالي ربع الإنتاج العالمي.

الخطوات المقبلة

في خطوة هامة، وافق أعضاء الحوار العالمي للشباب بشأن التحويل المستدام في مجال الثروة الحيوانية على بيان بتوافق الآراء يحدّد التوصيات التي يأملون في أن يراعيها واضعو السياسات- في ما يتعلق بالعلوم والاستثمارات والاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ويعطي دورًا أكبر لدمج الشباب في عملية وضع السياسات والابتكار- ويطلب تخصيص مقعد رسمي للشباب في اللجنة الفرعية المعنية بالثروة الحيوانية، وهي جزء جديد ومهم من لجنة الزراعة التابعة للمنظمة، أحد الأجهزة الرئاسية المركزية للمنظمة.

ومن المقرّر مناقشة العديد من المسائل التي طُرحت في هذه الدورة من المؤتمر خلال الدورة الثانية المقبلة للجنة الفرعية المعنية بالثروة الحيوانية التابعة للجنة الزراعة، التي ستُعقد في مايو/أيار 2024.

مصر الطقس